ذكر مسير المرزبان إلى الري
في هذه السنة سار المرزبان محمد بن مسافر صاحب أذربيجان إلى الري .
وسبب ذلك أنه بلغه خروج عساكر خراسان إلى الري ، وأن ذلك يشغل ركن الدولة عنه ، ثم إنه كان أرسل رسولا إلى معز الدولة ، فحلق معز الدولة لحيته ، وسبه وسب صاحبه ، وكان سفيها ، فعظم ذلك على المرزبان ، وأخذ في جمع العساكر ، واستأمن إليه بعد قواد ركن الدولة ، وأطمعه في الري ، وأخبره أن من وراءه من القواد يريدونه ، فطمع لذلك ، فراسله ناصر الدولة يعد المساعدة ، ويشير عليه أن يبتدئ ببغداذ ، فخالفه ، ثم أحضر أباه وأخاه وهسوذان ، واستشارهما في ذلك ، فنهاه أبوه عن قصد الري ، فلم يقبل ، فلما ودعه بكى أبوه وقال : يا بني ، أين أطلبك بعد يومي هذا ؟ قال : إما في دار الإمارة بالري ، وإما بين القتلى .
فلما عرف ركن الدولة خبره ، كتب إلى أخويه عماد الدولة ومعز الدولة يستمدهما ، فسير عماد الدولة ألفي فارس ، وسير إليه معز الدولة جيشا مع سبكتكين التركي ، وأنفذ عهدا من المطيع لله لركن الدولة بخراسان ، فلما صاروا بالدينور خالف الديلم على سبكتكين ، وكبسوه ليلا ، فركب فرس النوبة ونجا ، واجتمع الأتراك عليه ، فعلم الديلم أنهم لا قوة لهم به ، فعادوا إليه وتضرعوا ، فقبل عذرهم .
وكان ركن الدولة قد شرع مع المرزبان في المخادعة ، وإعمال الحيلة ، فكتب إليه يتواضع له ويعظمه ، ويسأله أن ينصرف عنه على شرط أن يسلم إليه ركن الدولة زنجان ، وأبهر ، وقزوين ، وترددت الرسل في ذلك إلى أن وصله المدد من عماد الدولة ومعز الدولة ، وأحضر معه محمد بن عبد الرزاق ، وأنفذ له الحسن بن الفيرزان عسكرا مع محمد بن ماكان ، فلما كثر جمعه قبض على جماعة ممن كان يتهمهم من قواده وسار إلى قزوين ، فعلم المرزبان عجزه عنه ، وأنف من الرجوع ، فالتقيا ، فانهزم عسكر المرزبان ، وأخذ أسيرا ، وحمل إلى سميرم فحبس بها ، وعاد ركن الدولة ، ونزل محمد بن عبد الرزاق بنواحي أذربيجان .
وأما أصحاب المرزبان فإنهم اجتمعوا على أبيه محمد بن مسافر ، وولوه أمرهم ، فهرب منه ابنه وهسوذان إلى حصن له ، فأساء محمد السيرة مع العسكر ، فأرادوا قتله ، فهرب إلى ابنه وهسوذان ، فقبض عليه ، وضيق عليه حتى مات ، ثم تحير وهسوذان في أمره ، فاستدعى ديسم الكردي لطاعة الأكراد له ، وقواه ، وسيره إلى محمد بن عبد الرزاق ، فالتقيا ، فانهزم ديسم ، وقوي ابن عبد الرزاق ، فأقام بنواحي أذربيجان يجبي أموالها ، ثم رجع إلى الري سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ، وكاتب الأمير نوحا ، وأهدى له هدية ، وسأله الصفح ، فقبل عذره ، وكاتب وشمكير بمهادنته ، فهادنه ، ثم عاد محمد إلى طوس سنة تسع وثلاثين [ وثلاثمائة ] لما خرج منصور إلى الري .