ذكر الحرب بصقلية بين المسلمين والروم
كان المنصور العلوي صاحب إفريقية قد استعمل على صقلية سنة ست وثلاثين وثلاثمائة الحسن بن علي بن أبي الحسين الكلبي ، فدخلها واستقر بها كما ذكرناه ، وغزا الروم الذين بها عدة غزوات ، فاستمدوا ملك قسطنطينية فسير إليهم جيشا كثيرا ، فنزلوا أذرنت ، فأرسل الحسن بن علي إلى المنصور يعرفه الحال ، فسير إليه جيشا كثيفا مع خادمه فرح ، فجمع الحسن جنده مع الواصلين ، وسار إلى ريو ، وبث السرايا في أرض قلورية ، وحاصر الحسن جراجة أشد حصار ، فأشرف أهلها على الهلاك من شدة العطش ولم يبق إلا أخذها ، فأتاه الخبر أن عسكر الروم واصل إليه ، فهادن أهل جراجة على مال يؤدونه ، وسار إلى الروم ، فلما سمعوا بقربه منهم ، انهزموا بغير قتال وتركوا أذرنت .
ونزل الحسن على قلعة قسانة ، وبث سراياه تنهب ، فصالحه أهل قسانة على مال ، ولم يزل كذلك إلى شهر ذي الحجة ، وكان المصاف بين المسلمين وعسكر قسطنطينية ومن معه من الروم الذين بصقلية ليلة الأضحى ، واقتتلوا واشتد القتال ، فانهزم الروم ، وركبهم المسلمون يقتلون ويأسرون إلى الليل ، وغنموا جميع أثقالهم ، وسلاحهم ، ودوابهم ، وسير الرءوس إلى مدائن صقلية ، وإفريقية ، وحصر الحسن جراجة ، فصالحوه على مال يحملونه ، ورجع عنهم ، وسير سرية إلى المدينة بطرقوقة ففتحوها ، وغنموا ما فيها . ولم يزل الحسن بجزيرة صقلية إلى سنة إحدى وأربعين [ وثلاثمائة ] ، فمات المنصور ، فسار عنها إلى إفريقية ، واتصل بالمعز بن المنصور ، واستخلف على صقلية ابنه أبا الحسن أحمد .