الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر وفاة عبد الرحمن الناصر صاحب الأندلس ، وولاية ابنه الحاكم  

            في هذه السنة توفي عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله صاحب الأندلس ، الملقب بالناصر لدين الله ، في رمضان ، فكانت إمارته خمسين سنة وستة أشهر ، وكان عمره ثلاثا وسبعين سنة ، كان أبيض ، أشهل ، حسن الوجه ، عظيم الجسم ، قصير الساقين ، كان ركاب سرجه يقارب الشبر ، وكان طويل الظهر ، وهو أول من تلقب من الأمويين بألقاب الخلفاء ، تسمى بأمير المؤمنين ، وخلف أحد عشر ولدا ذكرا ، وكان من تقدمه من آبائه يخاطبون ويخطب لهم بالأمير وأبناء الخلائف .

            وبقي هو كذلك إلى أن مضى من إمارته سبع وعشرون سنة ، فلما بلغه ضعف الخلفاء بالعراق وظهور العلويين بإفريقية ، ومخاطبتهم بأمير المؤمنين ، أمر حينئذ أن يلقب الناصر لدين الله ، ويخطب له بأمير المؤمنين ، ويقول أهل الأندلس : إنه أول خليفة ولي بعد جده ، كانت أمه أم ولد اسمها مزنة ، ولم يبلغ أحد ممن تلقب بأمير المؤمنين مدته في الخلافة غير المستنصر العلوي صاحب مصر ، فإن خلافته كانت ستين سنة .

            ولما مات ولي الأمر بعده ابنه الحاكم بن عبد الرحمن ، وتلقب بالمستنصر ، وأمه أم ولد تسمى مرجانة ، وخلف الناصر عدة أولاد منهم عبد الله ، وكان شافعي المذهب ، عالما بالشعر والأخبار وغيرهما ، وكان ناسكا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية