في هذه السنة ، في ذي القعدة ، وصل القرامطة إلى دمشق فملكوها ، وقتلوا جعفر بن فلاح . ملك القرامطة دمشق
وسبب ذلك أنهم لما بلغهم استيلاء جعفر بن فلاح على الشام أهمهم وأزعجهم وقلقوا ( لأنه ) كان قد تقرر بينهم وبين ابن طغج أن يحمل إليهم كل سنة ثلاثمائة ألف دينار ، فلما ملكها جعفر علموا أن المال يفوتهم ، فعزموا على قصد الشام ، وصاحبهم حينئذ الحسين بن أحمد بن بهرام القرمطي ، فأرسل إلى عز الدولة بختيار يطلب منه المساعدة بالسلاح والمال ، فأجابه إلى ذلك ، واستقر الحال أنهم إذا وصلوا ( إلى الكوفة سائرين إلى الشام حمل الذي استقر ، فلما وصلوا " إلى الكوفة أوصل إليهم ذلك ، وساروا إلى دمشق .
وبلغ خبرهم إلى جعفر بن فلاح فاستهان بهم ولم يحترز منهم ، فلم يشعر بهم حتى كبسوه بظاهر دمشق وقتلوه وأخذوا ماله وسلاحه ودوابه ، وملكوا دمشق ، وأمنوا أهلها ، وساروا إلى الرملة ، واستولوا على جميع ما بينهما .
فلما سمع من بها من المغاربة خبرهم ساروا عنها إلى يافا فتحصنوا بها ، وملك القرامطة الرملة ، وساروا إلى مصر ، وتركوا على يافا من يحصرها ، فلما وصلوا إلى مصر اجتمع معهم خلق كثير والجند والإخشيدية والكافورية ، فاجتمعوا بعين شمس عند مصر ، واجتمع عساكر جوهر وخرجوا إليهم ، فاقتتلوا غير مرة ، الظفر في جميع تلك الأيام للقرامطة ، وحصروا المغاربة حصرا شديدا ، ثم إن المغاربة خرجوا في بعض الأيام من مصر ، وحملوا على ميمنة القرامطة ، فانهزم من بها من العرب وغيرهم ، وقصدوا سواد القرامطة فنهبوه ، فاضطروا إلى الرحيل ، فعادوا إلى الشام ، فنزلوا الرملة .
ثم حصروا يافا حصرا شديدا ، وضيقوا على من بها ، فسير جوهر من مصر نجدة إلى أصحابه المحصورين بيافا ، ومعهم ميرة في خمسة عشر مركبا ، فأرسل القرامطة مراكبهم إليها ، فأخذوا مراكب جوهر ، ولم ينج منها غير مركبين ، فغنمها مراكب الروم .
وللحسين بن بهرام مقدم القرامطة شعر ، فمنه في المغاربة أصحاب المعز لدين الله :
زعمت رجال الغرب أني هبتها فدمي إذا ما بينهم مطلول يا مصر إن لم أسق أرضك من
دم يروي ثراك فلا سقاني النيل