الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

            إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف بن سالم ، أبو عمر السلمي  

            صحب أبا عثمان ولقي الجنيد ، وسمع الحديث ، ورواه وكان ثقة  ، وتوفي في هذه السنة .

            يقول إسماعيل بن نجيد يقول: من تهذبك رؤيته؛ فاعلم أنه غير مهذب .

            وقال أبا سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان : كان جدي طلب شيئا لبعض الثغور ، وتأخر ذلك عنه ، وضاق به ذرعا وبكى على رءوس الناس ، فجاءه أبو عمرو بن نجيد بعد العتمة ، ومعه كيس فيه ألفا درهم ، فقال: تجعل هذا في الوجه الذي تأخر ، ففرح أبو عثمان بذلك ودعا له ، فلما جلس أبو عثمان قال: أيها الناس ، قد رجوت لأبي عمرو مما فعل ، فإنه ناب عن الجماعة في ذلك الأمر ، وحمل كذا وكذا؛ فجزاه الله عني خيرا .

            فقام أبو عمرو على رءوس الناس ، فقال: إنما جعلت ذلك من مال أمي ، وهي غير راضية ، فينبغي أن يرد علي لأرده إليها ، فأمر أبو عثمان بذلك الكيس ، فأخرج ورده إليه على رءوس الناس ، وتفرق الخلق ، فلما جن عليه الليل جاء إلى أبي عثمان في مثل ذلك الوقت ، وقال: يمكن أن يجعل هذا في ذلك الوجه من حيث لا يعلم به غيرنا ، فبكى أبو عثمان ، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همر أبي عمرو ، الحسن بن بويه أبو علي ركن الدولة

            ذكرنا أنه قسم الممالك بين أولاده الثلاثة ، توفي عن قولنج ، عرض له في ليلة السبت ثامن عشرين محرم هذه السنة ، وكانت إمارته أربعا وأربعين سنة ، وشهرا وتسعة أيام ، ومدة عمره ثمانا وسبعين سنة . الحسين بن أبي النجم بدر بن هلال المؤدب .

            روى عن أبي مزاحم الخاقاني ، روى عنه أبو العلاء الواسطي ، وكان مؤدب الطائع لله ، خرج معه إلى الأهواز ، فتوفي في هذه السنة ، وكان ثقة ، جميل الأمر   . أبو الحسن الأنصاري الزرقي

            محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أفلح بن رافع بن إبراهيم بن أفلح بن عبد الرحمن بن عبيد بن رفاعة بن رافع أبو الحسن الأنصاري الزرقي .

            وكان رفاعة بن رافع أحد النقباء عقبيا ، شهد أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان محمد بن إسحاق نقيب الأنصار ببغداد ، وحدث عن البغوي وغيره . قال محمد ابن أبي الفوارس : كان ثقة   .

            وعن أبي الحسن بن الفرات قال: كان محمد بن إسحاق الزرقي ثقة ، جميل الأمر ، حافظا لأمور الأنصار ومناقبهم ومشاهدهم ، وقد كتبت عنه شيئا يسيرا ، وذكر لي أن كتبه تلفت ، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وستين وثلاثمائة ، ودفن في مقابر الأنصار عند أبيه . محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن كنانة ، أبو بكر ، المؤدب

            حدث عن أبي مسلم الكجي ، وأبي العباس الكديمي ،

            قال: محمد بن المؤدب لم يكن عندي بذاك ، كان فيه تساهل .

            قال الخطيب : وحدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: توفي أبو بكر بن المؤدب في جمادى الأولى سنة ست وستين وثلاثمائة ، وكان قريب الأمر . محمد بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل أبو الحسن السراج

            سمع يوسف بن يعقوب القاضي ، وأبا شعيب الحراني ، وأبا جعفر الحضرمي ، وغيرهم ، وكان شديد الاجتهاد في العبادة وكان يشبه بأبي يونس البغوي ، صلى حتى أقعد ، ثم بكى حتى عمي ، وتوفي يوم عاشوراء من هذه السنة . أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكرياء بن حيويه

            وفيها توفي أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكرياء بن حيويه  في رجب .

            وفي صفر منها توفي أبو الحسن علي بن وصيف الناشئ المعروف بالخلال ، صاحب المراثي الكثيرة في أهل البيت .

            أبو يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي

            وفيها توفي أبو يعقوب يوسف بن الحسن الجنابي صاحب هجر ، وكان مولده سنة ثمانين ومائتين ، وتولى أمر القرامطة بعده ستة نفر شركة ، وسموا السادة ، وكانوا متفقين . أبو محمد القرمطي

            وفيها كانت وفاة :

            الحسن بن أحمد بن أبي سعيد الجنابي ، أبو محمد القرمطي  

            قال ابن عساكر : واسم أبي سعيد الحسن بن بهرام ، ويقال : الحسن بن أحمد بن الحسن بن يوسف بن كوذكار . يقال : أصله من الفرس . قال : ويعرف أبو محمد هذا بالأعصم . قال : وولد بالأحساء في سنة ثمان وسبعين ومائتين ، وقد تغلب على الشام في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة ، ثم عاد إلى الأحساء بعد سنة ، ثم عاد إلى دمشق في سنة ستين ، وكسر جيش جعفر بن فلاح أول من ناب بالشام عن المعز الفاطمي وقتله ، ثم توجه إلى مصر ، فحاصرها في مستهل ربيع الأول من سنة إحدى وستين ، واستمر محاصرها شهورا ، وقد كان استخلف على دمشق ظالم بن موهوب العقيلي ، ثم عاد إلى الأحساء ثم رجع إلى الرملة فتوفي بها في هذه السنة ، وقد قارب التسعين ، وهو يظهر طاعة عبد الكريم الطائع لله بن المطيع .

            وقد أورد له ابن عساكر أشعارا حسنة رائقة فائقة ، من ذلك ما كتب به إلى جعفر بن فلاح قبل الحرب بينهما :


            الكتب معذرة والرسل مخبرة والحق متبع والخير موجود     والحرب ساكنة والخيل صافنة
            والسلم مبتذل والظل ممدود     فإن أنبتم فمقبول إنابتكم
            وإن أبيتم فهذا الكور مشدود     على ظهور المطايا أو تردن بنا
            دمشق والباب مهدوم ومردود     إني امرؤ ليس من شأني ولا أربي
            طبل يرن ولا ناي ولا عود     ولا اعتكاف على خمر ومجمرة
            وذات دل لها دل وتفنيد     ولا أبيت بطين البطن من شبع
            ولي رفيق خميص البطن مجهود     ولا تسامت بي الدنيا إلى طمع
            يوما ولا غرني فيها المواعيد

            ومن شعره أيضا :


            يا ساكن البلد المنيف تعززا     بقلاعه وحصونه وكهوفه
            لا عز إلا للعزيز بنفسه     وبخيله وبرجله وسيوفه
            وبقبة بيضاء قد ضربت على     شرف الخيام بجاره وحليفه
            قوم إذا اشتد الوغى أردى العدا     وشفى النفوس بضربه ووقوفه
            لم يرض بالشرف التليد لنفسه     حتى أشاد تليده بطريفه

            منصور بن نوح الساماني

            وفي منتصف شوال من هذه السنة ، توفي الأمير منصور بن نوح الساماني - صاحب بلاد خراسان - ببخارى ، وكانت ولايته خمس عشرة سنة ، وقام بالأمر بعده ولده أبو القاسم نوح ، وكان عمره إذ ذاك ثلاث عشرة سنة ، ولقب بالمنصور .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية