الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث  

            في هذه السنة عزل المنصور ، صاحب إفريقية ، نائبه في البلاد يوسف ، واستعمل بعده ( على البلاد ) أبا عبد الله محمد بن أبي العرب . وفيها قبض بهاء الدولة على وزيره أبي نصر سابور بالأهواز ، واستوزر أبا القاسم عبد العزيز بن يوسف . ( وفيها أيضا قبض بهاء الدولة ) على أبي نصر خواشاذه وأبي عبد الله بن طاهر ، بعد عوده من خوزستان ، وكان سبب قبضهما أن أبا نصر كان شحيحا ، فلم يواصل ابن المعلم بخدمه وهداياه ، فشرع في القبض عليه . وفيها هرب فولاذ زماندر من عند صمصام الدولة إلى الري ، وكان سبب هربه أنه تحكم على صمصام الدولة تحكما عظيما أنف منه ، فأراد القبض ( عليه ، فعلم ) به فهرب منه . وفيها كتب أهل الرحبة إلى بهاء الدولة يطلبون إنفاذ من يسلمون إليه الرحبة ، فأنفذ خمارتكين الحفصي إلى الرحبة فتسلمها ، وسار منها إلى الرقة ، وبها بدر غلام سعد الدولة بن حمدان ، فجرت بينهما وقعات ، فلم يظفر بها ، وبلغه اختلاف ببغداذ ، فعاد ، فخرج عليه بعض العرب ، فأخذوه أسيرا ، ثم افتدى منهم بمال كثير . وفيها حلف بهاء الدولة للقادر بالله على الطاعة ، والقيام بشروط البيعة ، وحلف له القادر بالوفاء والخلوص ، وأشهد عليه أنه قلده ما وراء بابه . وفي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة من هذه السنة - وهو يوم غدير خم - جرت فتنة بين الروافض والسنة ، واقتتلوا ، فقتل منهم خلق كثير ، واستظهر أهل باب البصرة ، وخرقوا أعلام السلطان ، فقتل جماعة اتهموا بفعل ذلك ، وصلبوا على القنطرة ليرتدع أمثالهم . وفي هذه السنة حج بالناس أبو الحسن محمد بن الحسن بن يحيى العلوي ، وكذلك سنة اثنتين وثلاث ، وكان أمير مكة أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي ، فاتفق أن أبا القاسم بن المغربي حضر عند حسان ابن المفرج بن الجراح الطائي ، فحمله على مباينة العزيز صاحب مصر ، وقال: لا مغمز في نسب أبي الفتوح ، والصواب أن تنصبه إماما فوافقه . وظهر أبو الفتوح الحسن بن جعفر العلوي أمير مكة وادعى أنه خليفة ، وسمى نفسه الراشد بالله ، فمالأه أهل مكة وحصل له أموال من رجل أوصى له بها ، فانتظم أمره بسببها ، وتقلد سيفا وزعم أنه ذو الفقار ، وأخذ في يده قضيبا زعم أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قصد بلاد الرملة ليستعين بعرب الشام فتلقوه بالرحب وقبلوا له الأرض ، وسلموا عليه بأمير المؤمنين ، وأظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود . ثم إن الحاكم صاحب مصر - وكان قد قام بالأمر من بعد أبيه العزيز في هذه السنة - كتب إلى عرب الشام ملطفات ، ووعدهم من الذهب بألوف ومئات ، وكذلك إلى عرب الحجاز ، واستناب على مكة أميرا ، وبعث إليه بجارية وخمسين ألف دينار ، فانتظم أمر الحاكم ، وتمزق أمر الراشد ، وتسحب إلى بلاده كما بدأ منها ، وعاد إليها ، وكان عوده إليها كما رحل عنها ، واضمحل حاله ، وانتقضت حباله ، وتفرق عنه رجاله ، والله يفعل ما يشاء ويختار . تقليد أبا الحسين محمد ابن قاضي القضاة

            ومن الحوادث فيها:

            أن أبا الحسين محمد ابن قاضي القضاة أبي محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف ، قلد ما كان إلى أبي بكر بن صير من الأعمال ، وقرئ عهده على ذلك بحضرة أبيه في داره الشطانية بمشهد من الأشراف ، والقضاة ، والفقهاء ، والوجوه .

            ونقل بهاء الدولة أخته زوجة الطائع لله إلى دار بمشرعة الصخر ، وأقام لها إقامات كافية ، وأقطعها إقطاعات ، فلم تزل كذلك حتى ماتت .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية