الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            شغب الديلم والأتراك  

            وفي يوم الاثنين لعشر بقين من جمادى الآخرة شغب الديلم والأتراك وخرجوا بالخيم إلى باب الشماسية ، وراسلوا بهاء الدولة بالشكوى من أبي الحسن بن المعلم وتعديد ما يعاملهم به وطالبوه بتسليمه إليهم ، وكان أبو الحسن قد استولى [ على الأمور ] ، والمقرب من قربه والمبعد من أبعده ، فثقل على كبار الجند أمره وقصر هو في مراعاة أمورهم ، وانضاف إلى ذلك ما يعامل به الديلم ، فضجوا وخرجوا ، فأجابهم السلطان بالتلطف ووعدهم بإزالة ما شكوه ، وأن يقتصر بأبي الحسن ابن المعلم على خدمته في خاصه ، ويتولى هو النظر في أمورهم والقيام بتدبيرهم . فأعادوا الرسالة بأنهم لا يقنعون بهذا القول ولا يرضون إلا بتسليمه . فأعاد الجواب بأنه يبعده عن مملكته إلى حيث يكون فيه مبقيا على مهجته راعيا لحقوق خدمته ، وقال: ما يحسن في أن أسلمه للقتل ، وقد طالت صحبته [ لي ] ، وإذا كفيتكم أمره فقد بلغتم مرادكم .

            فكانت الرسالة الثالثة التوعد بالانحدار [ والمسير ] إلى شيراز ، وقال بكران لبهاء الدولة ، وهو كان المتوسط ما بينه وبين العسكر: أيها الملك إن الأمر على خلاف ما تقدره فاختر بين بقاء أبي الحسن أو بقاء دولتك ، فقبض عليه حينئذ وعلى أصحابه ، وأخذ ما كان في داره من مال وثياب وجوار وغلمان ، وأقام الجند على أنهم لا يرجعون من مخيمهم إلا بتسليمه .

            فركب إليهم يوم الخميس لسبع بقين من الشهر ليسألهم الدخول والاقتصار على ما فعله به من القبض والاعتقال ، فلم يقم منهم أحد إليه ولا خدمه ، وعاد وقد أقاموا على المطالبة به وترك الرجوع إلا [ بعد ] تسليمه ، فسلم إلى أبي حرب شيرزيل ، وهو خال بهاء الدولة ، فسقي السم دفعتين ، فلم يعمل فيه ، فخنق بحبل الستارة ودفن بالمخرم ،

            القبض على أبي نصر سابور

            وكان بهاء الدولة قد قبض على وزيره أبي نصر سابور ، ثم أطلقه فالتجأ إلى البطيحة ، وأقام عند مهذب الدولة علي بن نصر خوفا من ابن المعلم إلى أن قبض بهاء الدولة على أبي القاسم علي بن أحمد الأبرقوهي الوزير ، ثم استدعى أبا نصر سابور من البطيحة في سنة اثنتين وثمانين ، وجمع بينه في الوزارة وبين أبي منصور بن صالحان ، فخلع عليهما في يوم الأحد تاسع شعبان ، وكانا يتناوبان في الوزارة .

            ومن الحوادث فيها:

            أن أبا الحسن علي بن محمد الكوكبي المعلم كان قد استولى على أمور السلطان كلها ، ومنع أهل الكرخ وباب الطاق من النوح في عاشوراء وتعليق المسوح ، ووقع من قبله أيضا بإسقاط جميع من قبل من الشهود بعد وفاة أبي محمد بن معروف ، وأن لا يقبل في الشهادة إلا من كان ارتضاه . وكان [ السبب في هذا أنه لما توفي ابن معروف كثر قبول الشهود بالبذل والشفاعات حتى بلغت ] عدة الشهود ثلاثمائة وثلاثة أنفس ، فقيل لأبي الحسن : متى تكلمت في هذا حصل لك منهم جملة ، فوقع بذلك ثم عاد ووقع بقبولهم في نصف صفر .

            وفي هذا الشهر شرع أبو الحسن في حفر الأنهار المخترقة لأسواق الكرخ وما يتصل به ، وجبي من أرباب العقار مالا جزيلا . فتنة أهل الكرخ

            وفيها ، في شوال ، تجددت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم ، واشتد الحال ، فركب أبو الفتح محمد بن الحسن الحاجب ، فقتل وصلب ، فسكن البلد . غلاء الأسعار

            وفيها غلت الأسعار ببغداذ ، فبيع رطل الخبز بأربعين درهما . القبض على أبي القاسم العلاء بن الحسن

            وفيها قبض صمصام الدولة على وزيره أبي القاسم العلاء بن الحسن بشيراز ، وكان غالبا على أمره ، وبقي محبوسا إلى سنة ثلاث وثمانين [ وثلاثمائة ] ، فأخرجه صمصام الدولة واستوزره ، وكان يدبر الأمر مدة حبسه أبو القاسم المدلجي . نزول ملك الروم بأرمينية

            وفيها نزل ملك الروم بأرمينية ، وحصر خلاط ، وملازكرد ، وأرجيش ، فضعفت نفوس الناس عنه ، ثم هادنه أبو علي الحسن بن مروان مدة عشر سنين ، وعاد ملك الروم . ولادة أبو الفضل بن القادر بالله

            وفيها ، في شوال ، ولد الأمير أبو الفضل بن القادر بالله . مسير ملك الترك إلى بخارى

            وفيها سار بغراخان أيلك ، ملك الترك ، بعساكره إلى بخارى ، فسير إليه الأمير نوح بن منصور جيشا كثيرا ولقيهم أيلك وهزمهم ، فعادوا إلى بخارى مفلولين ، وهو في أثرهم ، فخرج نوح بنفسه وسائر عسكره ، ولقيه فاقتتلوا قتالا شديدا وأجلت المعركة عن هزيمة أيلك ، فعاد منهزما إلى بلاساغون ، وهي كرسي مملكته . تسيير الحجاج من قبل الأصيفر

            وفي ذي القعدة ورد صاحب الأصيفر الأعرابي وبذل الخدمة في تسيير الحجاج إلى مكة وحراستهم صادرين وواردين ، وأعيد إقامة الخطبة للخليفة القادر من حد اليمامة والبحرين إلى الكوفة فقبل ذلك منه وحمل إلى خلعة ولواء .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية