ذكر عدة حوادث
شغب الديلم والأتراك
وفي يوم الاثنين لعشر بقين من جمادى الآخرة شغب الديلم والأتراك وخرجوا بالخيم إلى باب الشماسية ، وراسلوا بهاء الدولة بالشكوى من أبي الحسن بن المعلم وتعديد ما يعاملهم به وطالبوه بتسليمه إليهم ، وكان أبو الحسن قد استولى [ على الأمور ] ، والمقرب من قربه والمبعد من أبعده ، فثقل على كبار الجند أمره وقصر هو في مراعاة أمورهم ، وانضاف إلى ذلك ما يعامل به الديلم ، فضجوا وخرجوا ، فأجابهم السلطان بالتلطف ووعدهم بإزالة ما شكوه ، وأن يقتصر بأبي الحسن ابن المعلم على خدمته في خاصه ، ويتولى هو النظر في أمورهم والقيام بتدبيرهم . فأعادوا الرسالة بأنهم لا يقنعون بهذا القول ولا يرضون إلا بتسليمه . فأعاد الجواب بأنه يبعده عن مملكته إلى حيث يكون فيه مبقيا على مهجته راعيا لحقوق خدمته ، وقال: ما يحسن في أن أسلمه للقتل ، وقد طالت صحبته [ لي ] ، وإذا كفيتكم أمره فقد بلغتم مرادكم .
فكانت الرسالة الثالثة التوعد بالانحدار [ والمسير ] إلى شيراز ، وقال بكران لبهاء الدولة ، وهو كان المتوسط ما بينه وبين العسكر: أيها الملك إن الأمر على خلاف ما تقدره فاختر بين بقاء أبي الحسن أو بقاء دولتك ، فقبض عليه حينئذ وعلى أصحابه ، وأخذ ما كان في داره من مال وثياب وجوار وغلمان ، وأقام الجند على أنهم لا يرجعون من مخيمهم إلا بتسليمه .
فركب إليهم يوم الخميس لسبع بقين من الشهر ليسألهم الدخول والاقتصار على ما فعله به من القبض والاعتقال ، فلم يقم منهم أحد إليه ولا خدمه ، وعاد وقد أقاموا على المطالبة به وترك الرجوع إلا [ بعد ] تسليمه ، فسلم إلى أبي حرب شيرزيل ، وهو خال بهاء الدولة ، فسقي السم دفعتين ، فلم يعمل فيه ، فخنق بحبل الستارة ودفن بالمخرم ،
القبض على أبي نصر سابور
وكان بهاء الدولة قد قبض على وزيره أبي نصر سابور ، ثم أطلقه فالتجأ إلى البطيحة ، وأقام عند مهذب الدولة علي بن نصر خوفا من ابن المعلم إلى أن قبض بهاء الدولة على أبي القاسم علي بن أحمد الأبرقوهي الوزير ، ثم استدعى أبا نصر سابور من البطيحة في سنة اثنتين وثمانين ، وجمع بينه في الوزارة وبين أبي منصور بن صالحان ، فخلع عليهما في يوم الأحد تاسع شعبان ، وكانا يتناوبان في الوزارة .
ومن الحوادث فيها:
أن أبا الحسن علي بن محمد الكوكبي المعلم كان قد استولى على أمور السلطان كلها ، ومنع أهل الكرخ وباب الطاق من النوح في عاشوراء وتعليق المسوح ، ووقع من قبله أيضا بإسقاط جميع من قبل من الشهود بعد وفاة أبي محمد بن معروف ، وأن لا يقبل في الشهادة إلا من كان ارتضاه . وكان [ السبب في هذا أنه لما توفي ابن معروف كثر قبول الشهود بالبذل والشفاعات حتى بلغت ] عدة الشهود ثلاثمائة وثلاثة أنفس ، فقيل لأبي الحسن : متى تكلمت في هذا حصل لك منهم جملة ، فوقع بذلك ثم عاد ووقع بقبولهم في نصف صفر .
وفي هذا الشهر شرع أبو الحسن في حفر الأنهار المخترقة لأسواق الكرخ وما يتصل به ، وجبي من أرباب العقار مالا جزيلا . فتنة أهل الكرخ
وفيها ، في شوال ، تجددت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم ، واشتد الحال ، فركب أبو الفتح محمد بن الحسن الحاجب ، فقتل وصلب ، فسكن البلد . غلاء الأسعار
وفيها غلت الأسعار ببغداذ ، فبيع رطل الخبز بأربعين درهما . القبض على أبي القاسم العلاء بن الحسن
وفيها قبض صمصام الدولة على وزيره أبي القاسم العلاء بن الحسن بشيراز ، وكان غالبا على أمره ، وبقي محبوسا إلى سنة ثلاث وثمانين [ وثلاثمائة ] ، فأخرجه صمصام الدولة واستوزره ، وكان يدبر الأمر مدة حبسه أبو القاسم المدلجي . نزول ملك الروم بأرمينية
وفيها نزل ملك الروم بأرمينية ، وحصر خلاط ، وملازكرد ، وأرجيش ، فضعفت نفوس الناس عنه ، ثم هادنه أبو علي الحسن بن مروان مدة عشر سنين ، وعاد ملك الروم . ولادة أبو الفضل بن القادر بالله
وفيها ، في شوال ، ولد الأمير أبو الفضل بن القادر بالله . مسير ملك الترك إلى بخارى
وفيها سار بغراخان أيلك ، ملك الترك ، بعساكره إلى بخارى ، فسير إليه الأمير نوح بن منصور جيشا كثيرا ولقيهم أيلك وهزمهم ، فعادوا إلى بخارى مفلولين ، وهو في أثرهم ، فخرج نوح بنفسه وسائر عسكره ، ولقيه فاقتتلوا قتالا شديدا وأجلت المعركة عن هزيمة أيلك ، فعاد منهزما إلى بلاساغون ، وهي كرسي مملكته . تسيير الحجاج من قبل الأصيفر
وفي ذي القعدة ورد صاحب الأصيفر الأعرابي وبذل الخدمة في تسيير الحجاج إلى مكة وحراستهم صادرين وواردين ، وأعيد إقامة الخطبة للخليفة القادر من حد اليمامة والبحرين إلى الكوفة فقبل ذلك منه وحمل إلى خلعة ولواء .