ذكر وفاة المنصور بن يوسف وولاية ابنه باديس
في هذه السنة توفي المنصور بن يوسف بلكين أمير إفريقية ، أوائل ربيع الأول ، خارج صبرة ، ودفن بقصره .
وكان ملكا كريما ، شجاعا ، حازما ، ولم يزل مظفرا منصورا ، حسن السيرة ، محبا للعدل والرعية ، أوسعهم عدلا ، وأسقط البقايا عن أهل إفريقية ، وكانت مالا جليلا .
ولما توفي ولي بعده ابنه باديس ، ويكنى أبا مناد ، فلما استقر في الأمر سار إلى سردانية ، وأتاه الناس من كل ناحية للتعزية والتهنئة ، وأراد بنو زيري أعمام أبيه أن يخالفوا عليه ، فمنعهم أصحاب أبيه وأصحابه .
وكان مولد باديس سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وأتته الخلع والعهد بالولاية من الحاكم بأمر الله من مصر ، فقرئ العهد ، وبايع للحاكم هو وجماعة بني عمه والأعيان من القواد .
وفيها ثار على باديس رجل صنهاجي اسمه خليفة بن مبارك ، فأخذ وحمل إلى باديس ، فأركب حمارا ، وجعل خلفه رجل أسود يصفعه ، وطيف به ، ولم يقتل احتقارا له وسجن .
وفيها استعمل باديس عمه حماد بن يوسف بلكين على أشير ، وأقطعه إياها ، وأعطاه من الخيل والسلاح والعدد شيئا كثيرا ، فخرج إليها ، وحماد هذا هو جد بني حماد الذين كانوا ملوك إفريقية ، والقلعة المنسوبة إليهم مشهورة بإفريقية ، ومنهم أخذها عبد المؤمن بن علي .