ولد سنة خمسين وثلاثمائة ، وكان أبوه من حجاب عضد الدولة ، وجعل ابنه أبا علي برسم خدمة ابنه صمصام الدولة ، فخدم صمصام الدولة وبهاء الدولة ، وولاه بهاء الدولة تدبير العراق فقدم سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة والفتن كثيرة والذعار قد انتشروا فقتل ، وأغرق خلقا [كثيرا ] وأقام الهيبة ، ومنع أهل الكرخ يوم عاشوراء من النياحة وتعليق المسوح ، وأهل باب البصرة من زيارة [قبر ] مصعب ، وأعطى بعض غلمانه صينية فضة فيها دنانير ، وقال : [خذها على رأسك و ] سر من النجمي إلى الماصر الأعلى فإن اعترضك معترض ، فأعطه إياها واعرف الموضع الذي أخذت منك فيه ، فجاءه وقد انتصف الليل ، وقال : قد مشيت البلد جميعه فلم يلقني أحد . ودخل الرخجي على عميد الجيوش وأدخل سبعين مجلدة خزا ومنديلا كثيرا فيه مال ، وقال : مات نصراني من أهل مصر وخلف هذا وليس له وارث . فقال عميد الجيوش : من حكم الاستظهار أن يترك [هذا ] بحاله ، فإن حضر وارث وإلا أخذ ، فقال الرخجي :
يحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يبين الحال ، فقال : لا يجوز أن يدخل خزانة السلطان ما لا يصح استحقاقه . فكتب من بمصر باستحقاق تلك التركة فجاء أخو الميت وأوصل الكتاب من مصر بأنه أخو المتوفى ، فصادف عميد الجيوش واقفا على روشن داره يصلي الصبح فظنه نقيبا ، فدفع إليه الكتاب وسأله إيصاله إلى صاحب الخبر ، فقضى له حاجته فدخل صاحب الخبر إلى عميد الجيوش ضاحكا ، وقال : يا مولانا ، قد صرفت عنك اليوم نفعا ومرفقا فإن السوادي ، قال لي عند قضاء حاجته : بأي شيء أخدم النقيب الذي أوصل كتابي إليك ، فقلت : ويحك هذا عميد الجيوش ، فقال لي : هذا الذي تهابه ملوك الأطراف وكثر الدعاء له ، فلما كان بعد مدة ورد كتاب ابن القمي التاجر من مصر على عميد الجيوش يعرفه أن ذلك الرجل حضر في مجمع من التجار ، وحكى القصة فضج الناس بالدعاء وقالوا : ليتنا كنا في جواره وظله ، ففرح عميد الجيوش ، وقال : قد أحسن المكافأة ، بقي عميد الجيوش واليا على العراق ثماني سنين وسبعة أشهر وأحد عشر يوما وهو الذي يقول فيه الببغاء .
سألت زماني بمن أستغيث فقال استغث بعميد الجيوش
[وتوفي في هذه السنة عن إحدى وخمسين سنة ، وتولى أبو الحسن الرضي بأمره ، ودفن بمقابر قريش ] .