الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الحسن بن أبي جعفر ، أستاذ هرمز ، يكنى أبا علي ، ويلقب عميد الجيوش   :



            ولد سنة خمسين وثلاثمائة ، وكان أبوه من حجاب عضد الدولة ، وجعل ابنه أبا علي برسم خدمة ابنه صمصام الدولة ، فخدم صمصام الدولة وبهاء الدولة ، وولاه بهاء الدولة تدبير العراق فقدم سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة والفتن كثيرة والذعار قد انتشروا فقتل ، وأغرق خلقا [كثيرا ] وأقام الهيبة ، ومنع أهل الكرخ يوم عاشوراء من النياحة وتعليق المسوح ، وأهل باب البصرة من زيارة [قبر ] مصعب ، وأعطى بعض غلمانه صينية فضة فيها دنانير ، وقال : [خذها على رأسك و ] سر من النجمي إلى الماصر الأعلى فإن اعترضك معترض ، فأعطه إياها واعرف الموضع الذي أخذت منك فيه ، فجاءه وقد انتصف الليل ، وقال : قد مشيت البلد جميعه فلم يلقني أحد . ودخل الرخجي على عميد الجيوش وأدخل سبعين مجلدة خزا ومنديلا كثيرا فيه مال ، وقال : مات نصراني من أهل مصر وخلف هذا وليس له وارث . فقال عميد الجيوش : من حكم الاستظهار أن يترك [هذا ] بحاله ، فإن حضر وارث وإلا أخذ ، فقال الرخجي :

            يحمل إلى خزانة مولانا إلى أن يبين الحال ، فقال : لا يجوز أن يدخل خزانة السلطان ما لا يصح استحقاقه . فكتب من بمصر باستحقاق تلك التركة فجاء أخو الميت وأوصل الكتاب من مصر بأنه أخو المتوفى ، فصادف عميد الجيوش واقفا على روشن داره يصلي الصبح فظنه نقيبا ، فدفع إليه الكتاب وسأله إيصاله إلى صاحب الخبر ، فقضى له حاجته فدخل صاحب الخبر إلى عميد الجيوش ضاحكا ، وقال : يا مولانا ، قد صرفت عنك اليوم نفعا ومرفقا فإن السوادي ، قال لي عند قضاء حاجته : بأي شيء أخدم النقيب الذي أوصل كتابي إليك ، فقلت : ويحك هذا عميد الجيوش ، فقال لي : هذا الذي تهابه ملوك الأطراف وكثر الدعاء له ، فلما كان بعد مدة ورد كتاب ابن القمي التاجر من مصر على عميد الجيوش يعرفه أن ذلك الرجل حضر في مجمع من التجار ، وحكى القصة فضج الناس بالدعاء وقالوا : ليتنا كنا في جواره وظله ، ففرح عميد الجيوش ، وقال : قد أحسن المكافأة ، بقي عميد الجيوش واليا على العراق ثماني سنين وسبعة أشهر وأحد عشر يوما وهو الذي يقول فيه الببغاء .


            سألت زماني بمن أستغيث فقال استغث بعميد الجيوش

            [وتوفي في هذه السنة عن إحدى وخمسين سنة ، وتولى أبو الحسن الرضي بأمره ، ودفن بمقابر قريش ] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية