الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [أذن فخر الملك لأهل الكرخ في عمل عاشوراء   ]

            فمن الحوادث فيها :

            أن فخر الملك أذن لأهل الكرخ وباب الطاق في عمل عاشوراء ، فعلقوا المسوح ، وأقاموا النياحة في المشاهد . وفى ربيع الآخر أمر القادر بالله بعمارة مسجد الكف بقطيعة الدقيق وإعادة أبنيته ، ففعل ذلك وعمل لموضع الكف ملبن من صندل وضبب بفضة ، وعمل بين يديه درابزينات . وفي رجب وشعبان ورمضان : واصل فخر الملك الصدقات والحمول إلى المشاهد بمقابر قريش والحائر والكوفة ، وفرق الثياب والتمور والنفقات في العيد على الضعفاء ، وركب إلى الصلاة في الجوامع ، وأعطى الخطباء والعوام والمؤذنين الثياب والدنانير ، وتقدم ليلة الفطر يتأمل من في حبوس القضاة ، فمن كان محبوسا على دينار وعشرة قضى وما كان أكثر من ذلك كفل وأخرج ليعود بعد التعييد ، وأوعز بتمييز من في حبس المعونة ، وإطلاق من صغرت جنايته ووقعت توبته ، فكثر الدعاء له في المساجد والأسواق . وفي رمضان : تقدم فخر الملك بنقض الدار المعزية بحصيرة شارع دار الدقيق ، واستيثاق عمارتها ، وتغيير أبنيتها ، وعمل دور الحواشي جوارها ، فأنفق عليها الجملة الكثيرة ، وحملت إليها الآلات من كل بلد ، وجعل فيها المجالس الواسعة والحجر الكثيرة والأبنية الرائقة ، واستعملت لها الفروش بفارس والأهواز على مقادير بيوتها ومجالسها ، وعمل على الانتقال إليها [وسكناها ] ثم استبعد موضعها ورآه نائيا عن الكرخ ، فجعلها متنزها في الخلوات ومرسومة بالسمط والدعوات . وفي ليلة الأربعاء خامس شوال : عصفت ريح سوداء فرمت من النخل أكثر من عشرة آلاف رأس   . وورد كتاب من يمين الدولة محمود بن سبكتكين إلى الخليفة بأنه غزا قوما من الكفار  ، فقطع إليهم مفازة من رمل وأصابه وأصحابه العطش كادوا يهلكون منه ، ثم تفضل الله سبحانه عليهم بسحابة أظلتهم ومطرت وشربوا وسقوا ووصلوا إلى القوم وهو خلق عظيم ومعهم ستمائة فيل ، فظفر بهم وأخذ غنائمهم وعاد . وكان أبو الحسين عبد الله بن دنجا عاملا على البصرة ، وكان ملقبا بذي الرتبتين ، وكان بينه وبين أبي سعد بن ماكولا وحشة ، فمرض أبو سعد مرضا صعبا فأنفذ أبو الحسين فوكل بداره ، ثم اعتل أبو الحسين ومات وتماثل أبو سعد فأنفذ إلى داره بأولئك الموكلين حتى احتاطوا على ماله وقبضوا على أصحابه . وفي ذي الحجة : ورد كتاب أبي الحارث محمد بن محمد بن عمر بأن ريحا سوداء هاجت عند حصول الحاج بزبالا  ، وفقدوا الماء فهلك منهم خلق كثير ، وبلغت المزادة من الماء مائة درهم ، وتخفر جماعة ببني خفاجة ورجعوا إلى الكوفة وعمل الغدير والغار على سكون وطمأنينة ، وأظهرت الفتيان من التعليق شيئا كثيرا واستعان أهل السنة بالأتراك فأعاروهم الثياب والفروش الحسان والمصاغ والأسلحة . وفيها : نهى الحاكم عن بيع الرطب وحرقه،  وعن بيع العنب، وأباد كثيرا من الكروم.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية