الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر وصول إبراهيم ينال إلى همذان وبلد الجبل  

            في هذه السنة أمر السلطان طغرلبك أخاه إبراهيم ينال بالخروج إلى بلد الجبل وملكها ، فسار إليها من كرمان ، وقصد همذان وبها كرشاسف بن علاء الدولة ، ففارقها خوفا ، ودخلها ينال فملكها ، والتحق كرشاسف بالأكراد الجوزقان .

            وكان أبو الشوك حينئذ بالدينور ، فسار عنها إلى قرمسين خوفا وإشفاقا من ينال ، فقوي طمع ينال حينئذ في البلاد ، وسار إلى الدينور فملكها ورتب أمورها ، وسار منها يطلب قرمسين .

            ( فلما سمع أبو الشوك به سار إلى حلوان وترك بقرمسين ) من في عسكره من الديلم والأكراد الشاذنجان ليمنعوها ويحفظوها ، ووافاهم ينال جريدة ، فقاتلوه ، فدفعوه عنها ، فانصرف عنهم وعاد بخركاهاته وحلله ، فقاتلوه فضعفوا عنه وعجزوا عن منعه ، فملك البلد في رجب عنوة ، وقتل من العساكر جماعة كثيرة ، وأخذ أموال من سلم من القتل وسلاحهم ، وطردهم ، ولحقوا بأبي الشوك ، ونهب البلد ، وقتل وسبى كثيرا من أهله .

            ولما سمع أبو الشوك ذلك سير أهله وأمواله وسلاحه من حلوان إلى قلعة السيروان ، وأقام جريدة في عسكره ، ثم إن ينال سار إلى الصيمرة في شعبان فملكها ونهبها ، وأوقع بالأكراد المجاورين لها من الجوزقان ، فانهزموا ، وكان كرشاسف بن علاء الدولة نازلا عندهم ، فسار هو وهم إلى بلد شهاب الدولة أبي الفوارس منصور بن الحسين .

            ثم إن إبراهيم ينال سار إلى حلوان وقد فارقها أبو الشوك ، ولحق بقلعة السيروان ، فوصل إليها إبراهيم آخر شعبان وقد جلا أهلها عنها وتفرقوا في البلاد ، فنهبها وأحرقها ، وأحرق دار أبي الشوك ، وانصرف بعد أن اجتاحها ودرسها .

            وتوجه طائفة من الغز إلى خانقين في أثر جماعة من أهل حلوان كانوا ساروا بأهليهم وأولادهم وأموالهم ، فأدركوهم وظفروا بهم وغنموا ما معهم ، وانتشر الغز في تلك النواحي ، فبلغوا مايدشت وما يليها ، فنهبوها وأغاروا عليها .

            فلما سمع الملك أبو كاليجار هذه الأخبار أزعجته وأقلقته ، وكان بخوزستان ، فعزم على المسير ، ودفع ينال ومن معه من الغز عن البلاد ، فأمر عساكره بالتجهز للسفر إليهم ، فعجزوا عن الحركة لكثرة ما مات من دوابهم ، فلما تحقق ذلك سار نحو بلاد فارس ، فحمل العسكر أثقالهم على الحمير .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية