ذكر اتصال سعدي بن أبي الشوك بإبراهيم ينال وما كان منه
في هذه السنة في شهر ربيع الأول فارق سعدي بن أبي الشوك عمه مهلهلا ، ولحق بإبراهيم ينال فصار معه .
وسبب ذلك أن عمه تزوج أمه وأهمل جانبه واحتقره ، وكذلك أيضا قصر في مراعاة الأكراد الشاذنجان ، فراسل سعدي إبراهيم ينال في اللحاق به ، فأذن له في ذلك ، ووعده أن يملكه ما كان لأبيه ، فسار إليه في جماعة من الأكراد الشاذنجان ، فقوي بهم ، فأكرمه ينال ، وضم إليه جمعا من الغز ، وسيره إلى حلوان فملكها ، ( وخطب فيها لإبراهيم ينال في شهر ربيع الأول ، وأقام بها أياما ، ورجع إلى مايدشت ، فسار عمه مهلهل إلى حلوان فملكها ) ، وقطع منها خطبة ينال .
فلما سمع سعدي بذلك سار إلى حلوان ، ففارقها عمه مهلهل إلى ناحية بلوطة ، وملك سعدي حلوان وسار إلى عمه سرخاب فكبسه ونهب ما كان معه ، وسير جمعا إلى البندنيجين ، فاستولوا عليها وقبضوا على نائب سرخاب بها ، ونهبوا بعضها ، وانهزم سرخاب فصعد إلى قلعة دزديلوية ، ثم عاد سعدي إلى قرمسين ، فسير عمه مهلهل ابنه بدرا إلى حلوان فملكها ، فجمع سعدي وأكثر وعاد إلى حلوان ، ففارقها من كان بها من أصحاب عمه إلا من كان بالقلعة ، وملكها سعدي ، وكان قد صحبه كثير من الغز ، فسار بهم منها إلى عمه مهلهل ، وترك بها من يحفظها ، فلما علم عمه بقربه منه سار بين يديه إلى قلعة تيرانشاه بقرب شهرزور ، فاحتمى بها ، وملك الغز كثيرا من النواحي والمواشي ، وغنموا كثيرا من الأموال والدواب .
فلما رأى سعدي تحصن عمه منه خاف على من خلفه بحلوان ، فعاد عازما على محاصرة القلعة فمضى وحصرها ، وقاتله من بها من أصحاب عمه ، ونهب الغز حلوان وفتكوا فيها وافتضوا الأبكار ، وأحرقوا المساكن ، وتفرق الناس ، وفعلوا في تلك النواحي جميعها أقبح فعل .
ولما سمع أصحاب الملك أبي كاليجار ووزيره هذه الأخبار ندبوا العساكر إلى الخروج إلى مهلهل ومساعدته على ابن أخيه ، ودفعه عن هذه الأعمال ، فلم يفعلوا .
ثم إن سعدي أقطع أبا الفتح بن ورام البندنيجين واتفقا ، واجتمعا على قصد عمه سرخاب بن محمد بن عناز وحصره بقلعة دزديلوية ، فسارا فيمن معهما من العساكر ، فلما قاربوا القلعة دخلوا في مضيق هناك من غير أن يجعلوا لهم طليعة ، طمعا فيه وإدلالا بقوتهم ، وكان سرخاب قد جعل على رأس الجبل على فم المضيق جمعا من الأكراد ، فلما دخلوا المضيق لقيهم سرخاب ، وكان قد نزل من القلعة فاقتتلوا ، وعادوا ليخرجوا من المضيق فتقطرت بهم خيلهم ، فسقطوا عنها ورماهم الأكراد الذين على الجبل ، فوهنوا ، وأسر سعدي وأبو الفتح بن ورام وغيرهما من الرءوس ، وتفرق الغز والأكراد من تلك النواحي ، بعد أن كانوا قد توطنوها وملكوها .