الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر اتصال سعدي بن أبي الشوك بإبراهيم ينال وما كان منه

            في هذه السنة في شهر ربيع الأول فارق سعدي بن أبي الشوك عمه مهلهلا ، ولحق بإبراهيم ينال فصار معه .

            وسبب ذلك أن عمه تزوج أمه وأهمل جانبه واحتقره ، وكذلك أيضا قصر في مراعاة الأكراد الشاذنجان ، فراسل سعدي إبراهيم ينال في اللحاق به ، فأذن له في ذلك ، ووعده أن يملكه ما كان لأبيه ، فسار إليه في جماعة من الأكراد الشاذنجان ، فقوي بهم ، فأكرمه ينال ، وضم إليه جمعا من الغز ، وسيره إلى حلوان فملكها ، ( وخطب فيها لإبراهيم ينال في شهر ربيع الأول ، وأقام بها أياما ، ورجع إلى مايدشت ، فسار عمه مهلهل إلى حلوان فملكها ) ، وقطع منها خطبة ينال .

            فلما سمع سعدي بذلك سار إلى حلوان ، ففارقها عمه مهلهل إلى ناحية بلوطة ، وملك سعدي حلوان وسار إلى عمه سرخاب فكبسه ونهب ما كان معه ، وسير جمعا إلى البندنيجين ، فاستولوا عليها وقبضوا على نائب سرخاب بها ، ونهبوا بعضها ، وانهزم سرخاب فصعد إلى قلعة دزديلوية ، ثم عاد سعدي إلى قرمسين ، فسير عمه مهلهل ابنه بدرا إلى حلوان فملكها ، فجمع سعدي وأكثر وعاد إلى حلوان ، ففارقها من كان بها من أصحاب عمه إلا من كان بالقلعة ، وملكها سعدي ، وكان قد صحبه كثير من الغز ، فسار بهم منها إلى عمه مهلهل ، وترك بها من يحفظها ، فلما علم عمه بقربه منه سار بين يديه إلى قلعة تيرانشاه بقرب شهرزور ، فاحتمى بها ، وملك الغز كثيرا من النواحي والمواشي ، وغنموا كثيرا من الأموال والدواب .

            فلما رأى سعدي تحصن عمه منه خاف على من خلفه بحلوان ، فعاد عازما على محاصرة القلعة فمضى وحصرها ، وقاتله من بها من أصحاب عمه ، ونهب الغز حلوان وفتكوا فيها وافتضوا الأبكار ، وأحرقوا المساكن ، وتفرق الناس ، وفعلوا في تلك النواحي جميعها أقبح فعل .

            ولما سمع أصحاب الملك أبي كاليجار ووزيره هذه الأخبار ندبوا العساكر إلى الخروج إلى مهلهل ومساعدته على ابن أخيه ، ودفعه عن هذه الأعمال ، فلم يفعلوا .

            ثم إن سعدي أقطع أبا الفتح بن ورام البندنيجين واتفقا ، واجتمعا على قصد عمه سرخاب بن محمد بن عناز وحصره بقلعة دزديلوية ، فسارا فيمن معهما من العساكر ، فلما قاربوا القلعة دخلوا في مضيق هناك من غير أن يجعلوا لهم طليعة ، طمعا فيه وإدلالا بقوتهم ، وكان سرخاب قد جعل على رأس الجبل على فم المضيق جمعا من الأكراد ، فلما دخلوا المضيق لقيهم سرخاب ، وكان قد نزل من القلعة فاقتتلوا ، وعادوا ليخرجوا من المضيق فتقطرت بهم خيلهم ، فسقطوا عنها ورماهم الأكراد الذين على الجبل ، فوهنوا ، وأسر سعدي وأبو الفتح بن ورام وغيرهما من الرءوس ، وتفرق الغز والأكراد من تلك النواحي ، بعد أن كانوا قد توطنوها وملكوها .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية