الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر  

            3387 - أحمد بن الحسين بن علي بن عبد الله بن موسى البيهقي ، أبو بكر .  

            ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ، وكان واحد زمانه في الحفظ والإتقان ، حسن التصنيف ، وجمع علم الحديث ، والفقه ، والأصول ، وهو من كبار أصحاب الحاكم أبي عبد الله ، ومنه تخرج ، وسافر وجمع الكثير ، وله التصانيف الكثيرة الحسنة ، وجمع نصوص الشافعي رضي الله عنه في عشر مجلدات ، وكان متعففا زاهدا ، وورد نيسابور مرارا ، وبها توفي ، ونقل تابوته إلى بيهق في جمادى الأولى من هذه السنة .

            3388 - الحسن بن غالب بن علي بن غالب بن منصور بن صعلوك ، أبو علي التميمي ،  ويعرف: بابن المبارك .

            ولد لعشر بقين من ذي الحجة سنة ست وستين وثلاثمائة ، وصحب ابن سمعون .

            قال أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت : كان الحسن بن غالب زوج بنت إبراهيم بن عمر البرمكي ، وحدث عن عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، وابن أخي ميمي وغيرهما ، وكان له سمت وهيئة وظاهر صلاح ، وكان يقرئ ، فأقرأ بحروف خرق بها الإجماع ، وادعى فيها رواية عن بعض الأئمة المتقدمين ، وجعل لها أسانيد باطلة مستحيلة ، فأنكر أهل العلم عليه ذلك إلى أن استتيب منها .

            وذكر أنه قرأ على إدريس المؤدب ، وإدريس قرأ على ابن شنبوذ ، وابن شنبوذ قرأ على أبي خالد ، وكل ذلك باطل؛ لأن ابن شنبوذ لم يدرك أبا خالد ، وإدريس لم يقرأ على ابن شنبوذ ، وادعى أشياء غير ذلك يتبين فيها كذبه واختلافه .

            وقال أبو علي ابن البرداني: كان الحسن بن غالب متهما في سماعه من أبي الفضل الزهري ، وجرت له أمور مع أبي الحسن القزويني بسبب قراءات أقرئ بها عن إدريس ، وكتب عليه بذلك محضر .

            وقال أبو محمد بن السمرقندي: كان كذابا . وتوفي في ليلة السبت العاشر من رمضان هذه السنة ، ودفن صبيحة تلك الليلة عند قبر إبراهيم الحربي .

            3389 - عبد العزيز بن محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل ، أبو القاسم القطان .  

            سمع المخلص ، وكان يسكن دار القطن ، وكان صدوقا ، وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة .

            3390 - محمد بن الحسين بن محمد [بن خلف بن أحمد] بن الفراء ، أبو يعلى .  

            ولد في محرم سنة ثمانين ، وسمع الحديث الكثير ، وحدث عن أبي القاسم بن حبابة ، وأول ما سمع من أبي الطيب بن علي بن معروف البزاز ، وعلي بن عمر الحربي ، وأملى الحديث ، وهو آخر من حدث عن أبي القاسم موسى السراج ، وكان عنده مصنفات قد تفرد بها ، منها كتاب "الزاهر" لابن الأنباري ، فإنه حدث به عن ابن سويد عنه . وكتاب "المطر" لابن دريد ، وكتاب "التفسير" ليحيى بن سلام ، وغير ذلك ، وكان من سادات الثقات ، وشهد عند قاضى القضاة أبي عبد الله بن ماكولا ، والدامغاني ، فقبلا شهادته وتولى النظر في الحكم بحريم دار الخلافة ، وكان إماما في الفقه ، له التصانيف الحسان الكثيرة في مذهب أحمد ، ودرس وأفتى سنين ، وانتهى إليه المذهب ، وانتشرت تصانيفه وأصحابه ، وجمع الإمامة ، والفقه ، والصدق ، وحسن الخلق ، والتعبد ، والتقشف ، [والخشوع] ، وحسن السمت ، والصمت عما لا يعني ، واتباع السلف .

            حدثنا عنه أبو بكر بن عبد الباقي ، وأبو سعد الزوزني .

            وتوفي في ليلة الاثنين وقت العشاء ، ودفن يوم الاثنين لعشرين من رمضان هذه السنة ، وهو ابن ثمان وسبعين سنة ، وغسله الشريف أبو جعفر بوصية إليه ، وكان من وصيته إليه أن يكفن في ثلاثة أثواب ، وأن لا يدخل معه القبر غير ما غزله لنفسه من الأكفان ، ولا يخرق عليه ثوب ، ولا يقعد لعزاء ، واجتمع له خلق لا يحصون ، وعطلت الأسواق ، ومشى مع جنازته القاضي أبو عبد الله الدامغاني وجماعة الفقهاء والقضاة والشهود ، ونقيب الهاشميين أبو الفوارس طراد ، وأرباب الدولة ، وأبو منصور بن يوسف ، وأبو عبد الله بن جردة ، وصلى عليه ابنه أبو القاسم عبيد الله وهو يومئذ ابن خمس عشرة سنة ، وكان قد خلف عبيد الله ، وأبا الحسن ، وأبا حازم ، وأفطر جماعة ممن تبعه لشدة الحر؛ لأنه دفن في اليوم الثالث عشر من آب ، وقبره ظاهر بمقبرة باب حرب .

            قال أبو علي البرداني: رأيت القاضي أبا يعلى فقلت له: يا سيدي ، ما فعل الله بك؟ فقال لي وجعل يعد بأصابعه: رحمني وغفر لي ، ورفع منزلتي ، وأكرمني . فقلت: بالعلم؟ فقال لي: بالصدق .

            ابن سيده اللغوي  أبو الحسين علي بن إسماعيل المرسي كان إماما حافظا للغة ، وكان ضرير البصر ، أخذ علم العربية واللغة عن أبيه ، وكان أبوه ضريرا أيضا ، ثم اشتغل على أبي العلاء صاعد البغدادي وله " المحكم " في مجلدات عديدة ، وله " شرح الحماسة " في ست مجلدات ، وغير ذلك ، وقرأ على الشيخ أبي عمر الطلمنكي كتاب الغريب لأبي عبيد سردا من حفظه ، والشيخ يقابل نسخته بما يقرأ فسمع الناس بقراءته من حفظه وتعجبوا لذلك .

            وكانت وفاته في ربيع الأول من هذه السنة ، وله ستون سنة ، وقيل : إنه توفي في سنة ثمان وأربعين والأول أصح ، والله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية