وفي هذه الأيام بنى أبو سعد المستوفي الملقب شرف الملك مشهد الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ، وعمل لقبره ملبنا ، وعقد القبة ، وعمل المدرسة بإزائه ، وأنزلها الفقهاء ، ورتب لهم مدرسا ، فدخل أبو جعفر بن البياضي إلى الزيارة فقال ارتجالا:
ألم تر أن العلم كان مضيعا فجمعه هذا المغيب في اللحد كذلك كانت هذه الأرض ميتة
فأنشرها جود العميد أبي سعد
قال ابن عقيل: فقلت: وما يدريكم لعل النعمان قد خرجت عظامه في هذه العظام وبقيت هذه القبة فارغة من مقصود .
قال: فبعث شرف الملك إلى أبي منصور بن يوسف شاكيا مني وطالبا منه مقابلتي على ذلك ، فكان غاية ما قال لي بعد أن أحضرني في خلوة: يا سيدي ، ما نعلم كيف حالنا مع هؤلاء الأعاجم والدولة لهم؟ فقلت: يا سيدي ، رأيت منكرا فاشيا فما ملت نفرتي الدينية .
قال ابن عقيل: وكانت العمارة في سنة تسع وخمسين ، وساجه وأبوابه غصب من بعض بيع سامرا ، فما عند هؤلاء من الدين خبر .
قال أبو الحسين بن المهتدي : لا يصح أن قبر أبي حنيفة في هذا الموضع الذي بنوا عليه القبة ، وكان الحجيج قبل ذلك يردون ويطوفون حول المقبرة فيزورون أبا حنيفة لا يعينون موضعا .