الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قال ابن الجوزي : فمن الحوادث فيها : أنه كان على ثلاث ساعات في يوم الثلاثاء الحادي عشر من جمادى الأولى وهو الثامن عشر من آذار كانت زلزلة عظيمة بالرملة وأعمالها  فذهب أكثرها وانهدم سورها ، وعم ذلك بيت المقدس وتنيس وانخسفت أيلة وانجفل البحر حتى انكشفت أرضه ومشى ناس فيه ثم عاد ، وتغيرت إحدى زوايا جامع مصر ، وتبعت هذه الزلزلة في ساعتها زلزلتان أخريان . وفي هذه السنة كان غلاء شديد وقحط عظيم بديار مصر ،  بحيث أنهم أكلوا الجيف والميتات والكلاب ، فكان يباع الكلب بخمسة دنانير ، وماتت الفيلة فأكلت ، وأفنيت الدواب فلم يبق لصاحب مصر سوى ثلاثة أفراس ; بعد العدد الكثير منها ، ونزل الوزير يوما عن بغلته فغفل الغلام عنها لضعفه من الجوع ، فأخذها ثلاثة نفر فذبحوها وأكلوها ، فأخذوا فصلبوا فأصبحوا ، فإذا عظامهم بادية ; قد أكل الناس لحومهم . وظهر على رجل يقتل الصبيان والنساء ويدفن رءوسهم وأطرافهم ويبيع لحومهم فقتل . وكانت الأعراب يقدمون بالطعام يبيعونه في ظاهر البلد ، لا يتجاسرون يدخلون ; لئلا يخطف وينهب منهم ، وكان لا يجسر أحد أن يدفن ميته نهارا ، وإنما يدفنه ليلا خفية ; لئلا ينبش فيؤكل . واحتاج صاحب مصر حتى باع أشياء من نفائس ما عنده ; من ذلك أحد عشر ألف درع وعشرون ألف سيف محلى ، وثمانون ألف قطعة بلور كبار ، وخمسة وسبعون ألف قطعة من الديباج القديم ، وبيعت ثياب النساء والرجال وسجف المهود بأرخص الأثمان ، وكذلك الأملاك وغيرها ، وقد كان بعض هذه النفائس الخليفية مما نهب من بغداد في أيام البساسيري . وفي يوم الاثنين السادس والعشرين من جمادى الآخرة: جمع [الأمير] العميد أبو نصر الوجوه فأحضر أبا القاسم بن الوزير فخر الدولة ، والنقيبين ، والأشراف ، وقاضي القضاة ، والشهود إلى المدرسة [النظامية] وقرئت كتب وقفتها ، ووقف كتب فيها ، ووقف ضياع وأملاك ، وسوق أبنيت عليها ، وعلى [بابها عليه وعلى] أولاد نظام الملك على شروط شرطت فيها .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية