الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث .

            في سنة خمس وسبعين وأربعمائة قدم مؤيد الملك بن نظام الملك إلى بغداذ من أصبهان  ، فخرج عميد الدولة بن جهير إلى لقائه ، ونزل بالمدرسة النظامية ، وضرب على بابه الطبول أوقات الصلوات الثلاث ، فأعطي مالا جليلا حتى قطعه ، وأرسل الطبول إلى تكريت . وفيها حارب السلطان أخاه تتش فأسره ثم أطلقه واستقرت يده على دمشق وأعمالها وحج بالناس ختلغ . [وصول مؤيد الملك إلى بغداد]  

            ووصل في جمادى الآخرة مؤيد الملك إلى بغداد ، فخرج الموكب لتلقيه إلى النهروان ، وخرج إليه أبو العميد الدولة فلقيه في الحلبة ، وضربت له الدبادب والبوقات في وقت الفجر والمغرب والعشاء بإزاء دار الخلافة ، فثقل ذلك ، وروسل حتى تركه .

            وفي يوم الأحد سلخ شعبان: وجدت امرأة مقتولة ملقاة في درب الدواب ، فاستدعي صاحب المعونة والحارس ، وأمر بالاستكشاف عن هذا ، فقال بعض المجتازين: هاهنا إنسان أعرج يخبز القطائف ، يعرف هذه الأمور . فاستدعوه وتقدموا إليه بالبحث عن هذا فذكر أن بعض المماليك الأتراك فعل هذا ، فأحضر الغلام فأنكر [وبهته الأعرج] فقال بعض الرجالة: على المرأة آثار تبن وهذا يدل على أنها قتلت في موضع فيه تبن . فقيل له: فتش الدور هناك ، فبدأ بدار الأعرج ، فرأى التبن ، فنبش تحت الدرجة فوجد حليا ودنانير كانت مع المرأة ، فبهت الأعرج وحمل إلى الوزير فاستخلاه ولطف به ، فأقر بأنه في هذه الليلة جمع بين هذه المرأة وبين رجل ، وأنها أخذت من الرجل قراريط ، وأنه طالبها بأجرته فقالت: خذ ما تريد . فوقع عليها فقتلها ، وأخذ ما معها من الحلي والدنانير ، ورمى بها ، فسمع الشهود إقراره بذلك فحبس ، وحضرت ابنة المرأة وطالبت بقتله فقتل في يوم السبت سادس رمضان بالحلبة ، ودفن هناك .

            وفي شوال: تكاملت عمارة جامع القصر المتصل بدار الخلافة ، وبني ما كان فيه خرابا ،  وأوسع وعمل له منبر جديد ، وقد كان فخر الدولة عمل فيه سقاية ، وأجرى فيها الماء من داره في قنى تحت الأرض ، وجعل لها فوارات ، فانتفع الناس بذلك منفعة عظيمة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية