ذكر . استيلاء ابن جهير على آمد
في المحرم من سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ملك ابن جهير آمد .
وسبب ذلك أن فخر الدولة بن جهير كان قد أنفذ إليها ولده زعيم الرؤساء أبا القاسم ، ومعه جناح الدولة ، المعروف بالمقدم السالار ، وأرادوا قلع كرومها وبساتينها ، ولم يطمع مع ذلك في فتحها لحصانتها ، فعم أهلها الجوع وتعذرت الأقوات ، وكادوا يهلكون وهم صابرون على الحصار ، غير مكترثين له .
فاتفق أن بعض الجند نزل من السور لحاجة لهم ، وتركوا أسلحتهم مكانها ، فصعد إلى ذلك المكان عدد من العامة تقدمهم رجل من السواد يعرف بأبي الحسن فلبس السلاح ، ووقف على ذلك المكان ، ونادى بشعار السلطان وفعل من معه كفعله ، وطلبوا زعيم الرؤساء فأتاهم وملك البلد ، واتفق أهل المدينة على نهب بيوت النصارى لما كانوا يلقون من نواب بني مروان من الجور والحكم ، وكان أكثرهم نصارى ، فانتقموا منهم .
ذكر ملكه أيضا ميافارقين .
وفي هذه السنة أيضا ، في سادس جمادى الآخرة ، ملك فخر الدولة ميافارقين ، وكان مقيما على حصارها ، فوصل إليه سعد الدولة كوهرائين في عسكره نجدة له فجد في القتال فسقط من سورها قطعة ، فلما رأى أهلها ذلك نادوا بشعار ملكشاه ، وسلموا البلد إلى فخر الدولة وأخذ جميع ما استولى عليه من أموال بني مروان وأنفذه إلى السلطان مع ابنه زعيم الرؤساء ، فانحدر هو وكوهرائين إلى بغداذ ، وسار زعيم الرؤساء منها إلى أصبهان ، فوصلها في شوال ، وأوصل ما معه إلى السلطان .
ذكر ملك جزيرة ابن عمر .
في هذه السنة أرسل فخر الدولة جيشا إلى جزيرة ابن عمر ، وهي لبني مروان أيضا ، فحصروها ، فثار أهل بيت من أهلها يقال لهم بنو وهبان ، وهم من أعيان أهلها ، وقصدوا بابا للبلد صغيرا يقال له باب البويبة لا يسلكه إلا الرجالة لأنه يصعد إليه من ظاهر البلد بدرج ، فكسروه ، وأدخلوا العسكر ، فملكه ، وانقرضت دولة بني مروان ، فسبحان من لا يزول ملكه .
وهؤلاء بنو وهبان ، إلى يومنا هذا ، كلما جاء إلى الجزيرة من يحصرها يخرجون من البلد ، ولم يبق منهم من له شوكة ، ولا منزلة يفعل بها شيئا ، وإنما بتلك الحركة يؤخذون إلى الآن .