الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر استيلاء ابن جهير على آمد   .

            في المحرم من سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ملك ابن جهير آمد .

            وسبب ذلك أن فخر الدولة بن جهير كان قد أنفذ إليها ولده زعيم الرؤساء أبا القاسم ، ومعه جناح الدولة ، المعروف بالمقدم السالار ، وأرادوا قلع كرومها وبساتينها ، ولم يطمع مع ذلك في فتحها لحصانتها ، فعم أهلها الجوع وتعذرت الأقوات ، وكادوا يهلكون وهم صابرون على الحصار ، غير مكترثين له .

            فاتفق أن بعض الجند نزل من السور لحاجة لهم ، وتركوا أسلحتهم مكانها ، فصعد إلى ذلك المكان عدد من العامة تقدمهم رجل من السواد يعرف بأبي الحسن فلبس السلاح ، ووقف على ذلك المكان ، ونادى بشعار السلطان وفعل من معه كفعله ، وطلبوا زعيم الرؤساء فأتاهم وملك البلد ، واتفق أهل المدينة على نهب بيوت النصارى لما كانوا يلقون من نواب بني مروان من الجور والحكم ، وكان أكثرهم نصارى ، فانتقموا منهم .

            ذكر ملكه أيضا ميافارقين .

            وفي هذه السنة أيضا ، في سادس جمادى الآخرة ، ملك فخر الدولة ميافارقين ، وكان مقيما على حصارها ، فوصل إليه سعد الدولة كوهرائين في عسكره نجدة له فجد في القتال فسقط من سورها قطعة ، فلما رأى أهلها ذلك نادوا بشعار ملكشاه ، وسلموا البلد إلى فخر الدولة وأخذ جميع ما استولى عليه من أموال بني مروان وأنفذه إلى السلطان مع ابنه زعيم الرؤساء ، فانحدر هو وكوهرائين إلى بغداذ ، وسار زعيم الرؤساء منها إلى أصبهان ، فوصلها في شوال ، وأوصل ما معه إلى السلطان .

            ذكر ملك جزيرة ابن عمر .

            في هذه السنة أرسل فخر الدولة جيشا إلى جزيرة ابن عمر ، وهي لبني مروان أيضا ، فحصروها ، فثار أهل بيت من أهلها يقال لهم بنو وهبان ، وهم من أعيان أهلها ، وقصدوا بابا للبلد صغيرا يقال له باب البويبة لا يسلكه إلا الرجالة لأنه يصعد إليه من ظاهر البلد بدرج ، فكسروه ، وأدخلوا العسكر ، فملكه ، وانقرضت دولة بني مروان ، فسبحان من لا يزول ملكه .

            وهؤلاء بنو وهبان ، إلى يومنا هذا ، كلما جاء إلى الجزيرة من يحصرها يخرجون من البلد ، ولم يبق منهم من له شوكة ، ولا منزلة يفعل بها شيئا ، وإنما بتلك الحركة يؤخذون إلى الآن .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية