الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            زفاف ابنة السلطان إلى الخليفة   .

            وفي يوم الأحد خامس عشرين محرم سنة ثمانين وأربعمائة نقل جهاز ابنة السلطان ملكشاه إلى دار الخلافة على مائة وثلاثين جملا مجللة بالديباج الرومي ، وكان أكثر الأحمال الذهب والفضة وثلاث عماريات ، وعلى أربعة وسبعين بغلا مجللة بأنواع الديباج الملكي ، وأجراسها وقلائدها من الذهب والفضة ، وكان على ستة منها اثنا عشر صندوقا من الذهب لا يقدر ما فيها من الجواهر والحلي ، وبين يدي البغال ثلاثة وثلاثون فرسا من الخيل الرائقة ، عليها مراكب الذهب مرصعة بأنواع الجوهر ، ومهد عظيم كثير الذهب .

            وسار بين يدي الجهاز سعد الدولة كوهرائين ، والأمير برسق ، وغيرهما ، ونثر أهل نهر معلى عليهم الدنانير والثياب ، وكان السلطان قد خرج عن بغداذ متصيدا ، ثم أرسل الخليفة الوزير أبا شجاع إلى تركان خاتون ، زوجة السلطان ، وبين يديه نحو ثلاثمائة موكبية ، ومثلها مشاعل ، ولم يبق في الحريم دكان إلا وقد أشعل فيها الشمعة والاثنتان وأكثر من ذلك .

            وأرسل الخليفة مع ظفر خادمه محفة لم ير مثلها حسنا ، وقال الوزير لتركان خاتون : سيدنا ومولانا أمير المؤمنين يقول : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) وقد أذن في نقل الوديعة إلى داره . فأجابت بالسمع والطاعة ، وحضر نظام الملك فمن دونه من أعيان دولة السلطان ، وكل منهم معه من الشمع والمشاعل الكثير ، وجاء نساء الأمراء الكبار ومن دونهم كل واحدة منهن منفردة في جماعتها وتجملها ، وبين أيديهن الشمع الموكبيات والمشاعل يحمل ذلك جميعه الفرسان .

            ثم جاءت الخاتون ابنة السلطان ، بعد الجميع ، في محفة مجللة ، عليها من الذهب والجواهر أكثر شيء ، وقد أحاط بالمحفة مائتا جارية من الأتراك بالمراكب العجيبة ، وسارت إلى دار الخلافة ، وكانت ليلة مشهودة لم ير ببغداذ مثلها .

            فلما كان الغد أحضر الخليفة أمراء السلطان لسماط أمر بعمله حكي أن فيه أربعين ألفا منا من السكر ، وخلع عليهم كلهم ، وعلى كل من له ذكر في العسكر ، وأرسل الخلع إلى الخاتون زوجة السلطان ، وإلى جميع الخواتين ، وعاد السلطان من الصيد بعد ذلك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية