الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            في سنة سبع وثمانين وأربعمائة يوم السبت خامس عشر المحرم كانت وفاة الخليفة المقتدي ، وخلافة ولده المستظهر بالله .

            صفة موته

            لما قدم السلطان بركياروق بغداد سأل من الخليفة أن يكتب له بالسلطنة كتابا فيه العهد إليه ، فكتب ذلك وهيئت الخلع وعرضت على الخليفة ، وكان الكتاب يوم الجمعة الرابع عشر من المحرم ثم قدم إليه الطعام فتناول منه على العادة وهو في غاية الصحة ، ثم غسل يده وجلس ينظر في العهد بعدما وقع عليه ، وعنده قهرمانة تسمى شمس النهار قالت : فنظر إلي وقال : من هؤلاء الأشخاص الذين قد دخلوا علينا بغير إذن؟ قالت : فالتفت فلم أر أحدا ورأيته قد تغيرت حالته واسترخت يداه ورجلاه وانحلت قواه وسقط إلى الأرض ، قالت : فظننتها غشية قد لحقته ، فحللت أزرار ثوبه ، فوجدته وقد ظهرت عليه أمارات الموت ، ومات لوقته ، قالت : فتماسكت ، وقلت لجارية عندي : ليس هذا وقت إظهار الجزع والبكاء ، فإن صحت قتلتك ، ثم نفذت بمن استدعى يمنا الخادم وهو صهر القهرمانة على ابنتها ، فلما حضر أمرته باستدعاء الوزير عميد الدولة ابن جهير ، فمضى إليه عند اختلاط الظلام ، فلما شعر به ارتاع وخرج إليه ، فأمره بالحضور فحضر والأفكار تتلاعب به ، فلما رأى القهرمانة أجلها زيادة على ما جرت به عادته معها ، فدخلت الحجرة إلى أن قالت: قد عجزت عن الخدمة وقد عولت على سؤال أمير المؤمنين أن يأذن لي في الحج ، وأنت شفيعي إليه وأسألك أن تحفظني في مغيبي كما تحفظني في مشهدي ، وأخذت عليه الأيمان أن يتوفر على مصالحها ، فلما استوثقت منه استنهضته ، فدخل على الخليفة فرآه مسجى فأجهش بالبكاء ، وأحضروا ولي العهد المستظهر فعرفوه الحال وعزوه عن المصيبة ، وهنئوه بالخلافة ، وبايعوه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية