الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة سبع وثمانين وأربعمائة، في ربيع الآخر ، رأى بعض اليهود بالغرب رؤيا أنهم سيطيرون ، فأخبر اليهود بذلك ، فوهبوا أموالهم وذخائرهم ، وجعلوا ينتظرون الطيران ، فلم يطيروا ، وصاروا ضحكة بين الأمم .

            وفي هذه الشهر كانت بالشام زلازل كثيرة متتابعة يطول مكثها ، إلا أنه لم يكن الهدم كثيرا .

            وفيها كانت الفتنة بين أهل نهر طابق وأهل باب الأرجا ، فاحترقت نهر طابق ، وصارت تلولا ، فلما احترقت عبر يمن ، صاحب الشرطة ، فقتل رجلا مستورا ، فنفر الناس منه ، وعزل في اليوم الثالث .

            وفيها توفي محمد بن أبي هاشم الحسيني ، أمير مكة ، وقد جاوز سبعين سنة ، ولم يكن له ما يمدح به ، وكان قد نهب بعض الحجاج سنة ست وثمانين وأربعمائة وقتل منهم خلقا كثيرا .

            وفيها ، في ربيع الأول ، قتل السلطان بركيارق عمه تكش وغرقه ، وقتل ولده معه ، وكان ملكشاه قد أخذه ، لما خرج عليه ، وكحله ، وحبسه بقلعة تكريت ، فلما ملك بركيارق أحضره إليه ببغداذ ، وسار بمسيره ، فظفر بملطفات إليه من أخيه تتش يحثه على اللحاق به ، وقيل إنه أراد المسير إلى بلخ لأن أهلها كانوا يريدونه ، فقتله ، فلما غرق بقي بسر من رأى ، فحمل إلى بغداذ ، فدفن عند قبر أبي حنيفة .

            وفيها ، في جمادى الآخرة ، كانت وقعة بين الأمير أنر وتورانشاه ، ابن قاورت بك ، وكانت تركان خاتون الجلالية ، والدة محمود بن ملكشاه ، قد أرسلته في عسكر ليأخذ بلاد فارس من تورانشاه ، ولم يحسن الأمير أنر تدبير بلاد فارس ، فاستوحش منه الأجناد ، واجتمعوا مع تورانشاه ، وهزموا أنر ، ومات تورانشاه ، بعد الكسرة ( بشهر من سهم ) أصابه فيها .

            وفيها استولى أصبهبذ بن ساوتكين على مكة ، حرسها الله ، عنوة ، وهرب منها الأمير قاسم بن أبي هاشم العلوي صاحبها ، وأقام بها إلى شوال ، وجمع الأمير قاسم ، وكبسه بعسفان ، وجرى بينهما حرب في شوال من هذه السنة ، فانهزم أصبهبذ ، ودخل قاسم إلى مكة ، ومضى أصبهبذ إلى الشام ، وقدم إلى بغداذ .

            وفيها في رجب ، أحرق شحنة بغداذ ، وهو أيتكين ، جب باب البصرة ، وسبب ذلك أن النقيب طرادا الزينبي كان له كاتب يعرف بابن سنان ، فقتل ، فأنفذ النقيب إلى الشحنة يستدعي منه من يقيم السياسة ، فأنفذ حاجبه محمدا ، فرجمه أهل باب البصرة ، وأدموه ، فرجع إلى صاحبه فشكا إليه منهم ، فأمر أخاه بقصدهم ، ومعاقبتهم على فعلهم ، فسار إليهم في جماعة كثيرة ، وتبعهم أهل الكرخ ، فأحرقوا ونهبوا ، فأرسل الخليفة إلى الشحنة يأمره بالكف عنهم فكف . وفيها وقعت فتنة بين السنة والروافض فأحرقت محال كثيرة وقتل ناس كثيرون فإنا لله وإنا إليه راجعون .

            ولم يحج أحد في هذه السنة لاختلاف السلاطين. قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر: كانت ببغداد زلزلة في محرم سنة سبع وثمانين بين العشائين ، فحدث بعدها موت المقتدي ، وخروج تتش وقتله ، ومجيء بركيارق إلى بغداد ، وغير ذلك من الفتن والحروب وغلاء السعر . وفي ثالث عشر شعبان: ولي أبو الحسن الدامغاني قضاء القضاة ، ولاه الوزير عميد الدولة شفاها ، وتقدم بإفاضة الخلع في الديوان ، وعبر بنهر القلائين ومعه النقيبان وحجاب الديوان ، وأتى محلته والفتنة قائمة فسكنت ، فجلس وحكم ، وولى أخاه أبا جعفر القضاء بالرصافة ، وباب الطاق ، ومن أعلى بغداد إلى الموصل ، وغيرها من البلاد ، بعد أن قبل شهادته وفيها: أخذت الروم بلنسية.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية