الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في هذه سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة انحلت الأسعار بالعراق ، وكان الحنطة قد بلغ سبعين دينارا ، وربما زاد كثيرا في بعض الأوقات ، وانقطعت الأمطار ، ويبست الأنهار ، وكثر الموت ، حتى عجزوا عن دفن الموتى ، فحمل في بعض الأوقات ستة أموات على نعش واحد ، وعدمت الأدوية والعقاقير .

            وفيها ، في رجب ، سار بيمند الفرنجي ، صاحب أنطاكية ، إلى قلعة أفامية ، فحصروها ، وقاتل أهلها أياما ، وأفسد زروعها ثم رحل عنها .

            وفيها ، في آخر رمضان ، قتل الأمير بلكابك سرمز بأصبهان  ، ، بدار السلطان محمد ، وكان كثير الاحتياط من الباطنية لا يفارقه لبس الدرع ومن يمنع عنه ، ففي ذلك اليوم لم يلبس درعا ، ودخل دار السلطان في قلة ، فقتله الباطنية ، فقتل واحد ونجا آخر . وحج بالناس الأمير التونتاش التركي وكان شافعي المذهب . [زيادة أمر العيارين]  

            وفي شعبان: زاد أمر العيارين بالجانب الغربي حتى أخذوا عيبتين ثيابا لقاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني فلم يردوهما إلا بعد تعب .

            وتقدم الخليفة إلى الأمير يمن بتهذيب البلد ، فعبر الأمير في ثالث عشرين شعبان ، فأخذ جماعة منهم فقتلهم .

            ومن عجيب ما اتفق: أن رجلا من العيارين أعور هرب ، وأخذ على رأسه سلة فيها خزف ، ولبس جبة صوف ، وخرج قاصدا للدجيل ليخفي حاله ، فاتفق أن خادما للخليفة خرج ليتصيد ، فكان يتطير بالعور ، فلقيه أعوران فتطير بهما ، فرأى غلمانه هذا العيار ، فصاحوا به ونادوا أستاذهم ليقولوا له: هذا ثالث ، فظن العيار أنهم قد عرفوه ، فدخل مزرعة ، فارتابوا بهربته وجدوا في طلبه ، فأخذوه ومعه سيف تحت ثيابه ، فبحثوا عن حاله فعرفوه فقتلوه .

            [كثرة الجرف بالعراق]  

            وفي آخر شعبان: كثر الجرف بالعراق والوباء ، وامتنع القطر ، وزاد المرض ، وعدمت الأدوية والعقاقير ، ورئي نعش عليه ستة موتى ، ثم حفر لهم زبية ، فألقوا فيها .

            [حريق بخرابة ابن جردة]  

            وفي هذا الشهر: وقع حريق بخرابة ابن جردة ، فهلك معظمها ، وكانت الريح عاصفة فأطارت شرارة فأحرقت دارا برحبة الجامع ، وأخرى فأحرقت ستارة دار الوزير بباب العامة . [قتل أمير بالري]  

            وفي ذي الحجة: قتل أمير بالري ، قتله باطني ، فحمل الباطني إلى فخر الملك بن نظام الملك فقال له: ويحك! أما تستحي؟! هتكت حرمتي وأذهبت حشمتي ، وقتلته في داري . فقال الباطني: العجب منك [أنك] تذكر أن لك حرمة مهتوكة ، أو دارا مملوكة ، أو حشمة تمنع من الدماء المسفوكة ، أوما تعلم أننا قد أنفذنا إلى ستة نفر ، أحدهم أخوك وفلان وفلان ، فقال له: وأنا في جملتهم؟ فقال: أنت أقل من أن تذكر أو أن تدنس نفوسنا بقتلك . فعذب على أن يقر من أمره بذلك ، فلم يقر ، فقتله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية