الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            خلاف صدقة بن مزيد على بركيارق  

            في سنة أربع وتسعين وأربعمائة خرج الأمير صدقة بن منصور بن دبيس بن مزيد ، صاحب الحلة ، عن طاعة السلطان بركيارق ، وقطع خطبته من بلاده ، وخطب فيها للسلطان محمد .

            وسبب ذلك أن الوزير الأعز أبا المحاسن الدهستاني ، وزير السلطان بركيارق ، أرسل إلى صدقة يقول له : قد تخلف عندك لخزانة السلطان ألف ألف دينار ، وكذا وكذا دينارا لسنين كثيرة ، فإن أرسلتها ، وإلا سيرنا العساكر إلى بلادك وأخذناها منك . فلما سمع هذه الرسالة قطع الخطبة ، وخطب لمحمد .

            فلما وصل السلطان بركيارق إلى بغداذ على هذه الحال أرسل إليه مرة بعد مرة يدعوه إلى الحضور عنده ، فلم يجب إلى ذلك ، فأرسل إليه الأمير إياز يشير بقصد خدمة السلطان ، ويضمن له كل ما يريده ، فقال : لا أحضر ، ولا أطيع السلطان ، إلا إذا سلم وزيره أبا المحاسن إلي ، وإن لم يفعل فلا يتصور مني الحضور عنده أبدا ، ويكون في ذلك ما يكون ، فإن سلمه إلي ، فأنا العبد المخلص في العبودية بالحسن والطاعة . وقال الوزير: قد نفذ إلي سيف الدولة قبل ذلك أنه قد اجتمع عليك للخزانة السلطانية ألف ألف دينار ، فإن أديتها وإلا فبلدك مقصود ، فلما قرأ الكتاب طرد الرسول ، وكان الرسول العميد ، وكانت كيفية طرده: أنه نزل في خيمة فأمر سيف الدولة بأن يقطعوا أطنابها ، فوقعت الخيمة عليه ، فخرج وركب في الحال ، وكتب إلى سيف الدولة من الطريق:


            لا ضربت لي بالعراق خيمة ولا علت أناملي على قلم     إن لم أقدها من بلاد فارس
            شعث النواصي فوقها سود اللمم     حتى ترى لي في الفرات وقعة
            يشرب منها الماء ممزوجا بدم

            التالي السابق


            الخدمات العلمية