الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة عظم فساد التركمان بطريق خراسان من أعمال العراق  ، وقد كانوا قبل ذلك ينهبون الأموال ، ويقطعون الطريق ، إلا أنهم عندهم مراقبة .

            فلما كانت هذه السنة اطرحوا المراقبة ، وعملوا الأعمال الشنيعة ، فاستعمل إيلغازي بن أرتق ، وهو شحنة العراق ، على ذلك البلد ابن أخيه بلك بن بهرام بن أرتق ، وأمره بحفظه وحياطته ، ومنع الفساد عنه ، فقام في ذلك القيام المرضي ، وحمى البلاد ، وكف الأيدي المتطاولة ، وسار بلك إلى حصن خانيجار ، وهو من أعمال سرخاب بن بدر ، فحصره وملكه .

            وفيها ، في شعبان ، جعل السلطان محمد قسيم الدولة سنقر البرسقي شحنة بالعراق ، وكان موصوفا بالخير ، والدين ، وحسن العهد ، لم يفارق محمدا في حروبه كلها .

            وفيها أقطع السلطان محمد الكوفة للأمير قايماز ، وأوصى صدقة أن يحمي أصحابه من خفاجة ، فأجاب إلى ذلك .

            وفيها ، في شهر رمضان ، وصل السلطان محمد إلى أصبهان ، فأمن أهلها ووثقوا بزوال ما كان يشملهم من الخبط ، والعسف ، والمصادرة ، وشتان بين خروجه منها هاربا متخفيا ، وعوده إليها متمكنا ، وعدل في أهلها ، وأزال عنهم ما يكرهون ، وكف الأيدي المتطرقة إليهم من الجند وغيرهم ، فصارت كلمة العامي أقوى من كلمة الجندي ، ويد الجندي قاصرة عن العامي من هيبة السلطان وعدله .

            وفيها كثر الجدري في كثير من البلدان ، ولا سيما العراق ، فإنه كان به كله ، ومات به من الصبيان ما لا يحصى ، وتبعه وباء كثير ، وموت عظيم . وفي ثاني عشر رجب منها أزيل الغيار عن أهل الذمة الذي كانوا ألزموه في سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، ولا يعرف ما سبب ذلك. وفي هذا الشهر: مضى ابن جهير في الموكب فخلع على السلطان محمد ، وقصد دار وزيره سعد الملك ، وحمل إليه من دار الخليفة الدست والدواة والخلع .

            وفي هذا الشهر قصد الوزير سعد الملك المدرسة النظامية ، وحضر تدريس إلكيا الهراسي بها ليرغب الناس في العلم .

            وأنفذ السلطان محمد إلى الوزير الزعيم الخلع الكاملة فلبسها في الديوان ، وأنفذ إلى كل واحد من الديوان تختا من الثياب ، وجاء سعد الملك إلى دار الزعيم مسلما وزائرا . وفي شعبان: خرج السلطان محمد من بغداد ، ورتب البرسقي شحنة العراق ، وفوض العمارة إلى محمد بن الحسن البلخي ، ورد أمر واسط إلى سيف الدولة صدقة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية