ذكر عدة حوادث
في سنة ثمان وتسعين وأربعمائة عظم ، وقد كانوا قبل ذلك ينهبون الأموال ، ويقطعون الطريق ، إلا أنهم عندهم مراقبة . فساد التركمان بطريق خراسان من أعمال العراق
فلما كانت هذه السنة اطرحوا المراقبة ، وعملوا الأعمال الشنيعة ، فاستعمل إيلغازي بن أرتق ، وهو شحنة العراق ، على ذلك البلد ابن أخيه بلك بن بهرام بن أرتق ، وأمره بحفظه وحياطته ، ومنع الفساد عنه ، فقام في ذلك القيام المرضي ، وحمى البلاد ، وكف الأيدي المتطاولة ، وسار بلك إلى حصن خانيجار ، وهو من أعمال سرخاب بن بدر ، فحصره وملكه .
وفيها ، في شعبان ، جعل السلطان محمد قسيم الدولة سنقر البرسقي شحنة بالعراق ، وكان موصوفا بالخير ، والدين ، وحسن العهد ، لم يفارق محمدا في حروبه كلها .
وفيها أقطع السلطان محمد الكوفة للأمير قايماز ، وأوصى صدقة أن يحمي أصحابه من خفاجة ، فأجاب إلى ذلك .
وفيها ، في شهر رمضان ، وصل السلطان محمد إلى أصبهان ، فأمن أهلها ووثقوا بزوال ما كان يشملهم من الخبط ، والعسف ، والمصادرة ، وشتان بين خروجه منها هاربا متخفيا ، وعوده إليها متمكنا ، وعدل في أهلها ، وأزال عنهم ما يكرهون ، وكف الأيدي المتطرقة إليهم من الجند وغيرهم ، فصارت كلمة العامي أقوى من كلمة الجندي ، ويد الجندي قاصرة عن العامي من هيبة السلطان وعدله .
وفيها كثر الجدري في كثير من البلدان ، ولا سيما العراق ، فإنه كان به كله ، ومات به من الصبيان ما لا يحصى ، وتبعه وباء كثير ، وموت عظيم . وفي ثاني عشر رجب منها أزيل الغيار عن أهل الذمة الذي كانوا ألزموه في سنة أربع وثمانين وأربعمائة ، ولا يعرف ما سبب ذلك. وفي هذا الشهر: مضى ابن جهير في الموكب فخلع على السلطان محمد ، وقصد دار وزيره سعد الملك ، وحمل إليه من دار الخليفة الدست والدواة والخلع .
وفي هذا الشهر قصد الوزير سعد الملك المدرسة النظامية ، وحضر تدريس إلكيا الهراسي بها ليرغب الناس في العلم .
وأنفذ السلطان محمد إلى الوزير الزعيم الخلع الكاملة فلبسها في الديوان ، وأنفذ إلى كل واحد من الديوان تختا من الثياب ، وجاء سعد الملك إلى دار الزعيم مسلما وزائرا . وفي شعبان: خرج السلطان محمد من بغداد ، ورتب البرسقي شحنة العراق ، وفوض العمارة إلى محمد بن الحسن البلخي ، ورد أمر واسط إلى سيف الدولة صدقة .