الحرب بين طغتكين والفرنج والهدنة بعدها
في سنة اثنتين وخمسمائة كانت حرب شديدة بين طغتكين أتابك والفرنج وسببها أن طغتكين سار إلى طبرية ، وقد وصل إليها ابن أخت بغدوين الفرنجي ، ملك القدس ، فتحاربا واقتتلا ، وكان طغتكين في ألفي فارس ، وكثير من الرجالة وكان ابن أخت ملك الفرنج في أربعمائة فارس ، وألفي راجل .
فلما اشتد القتل انهزم المسلمون ، فترجل طغتكين ، ونادى بالمسلمين ، وشجعهم فعادوا الحرب ، وكسروا الفرنج ، وأسروا ابن أخت الملك ، وحمل إلى طغتكين ، فعرض طغتكين عليه الإسلام ، فامتنع منه ، وبذل في فداء نفسه ثلاثين ألف دينار ، وإطلاق خمسمائة أسير ، فلم يقنع طغتكين منه بغير الإسلام ، فلما لم يجب قتله بيده ، وأرسل إلى الخليفة والسلطان الأسرى ، ثم اصطلح طغتكين وبغدوين ملك الفرنج على وضع الحرب أربع سنين ، وكان ذلك من لطف الله تعالى بالمسلمين ، ولولا هذه الهدنة لكان الفرنج بلغوا من المسلمين ، بعد الهزيمة الآتي ذكرها ، أمرا عظيما .