وفيها عزل نقيب العلويين ، وهدمت دار علي بن أفلح ، وكان الخليفة يكرمه ، فظهر أنهما عين لدبيس يطالعانه بالأخبار ، وجعل الخليفة نقابة العلويين إلى علي بن طراد ، نقيب العباسيين . وفيها جمع الأمير بلك عساكره وسار إلى غزاة بالشام ، فلقيه الفرنج ، فاقتتلوا ، فانهزم الفرنج وقتل منهم وأسر بشر كثير من مقدميهم ورجالتهم . وفيها كان في أكثر البلاد غلاء شديد ، وكان أكثره بالعراق ، فبلغ ثمن كارة الدقيق الخشكار ستة دنانير وعشرة قراريط ، وتبع ذلك موت كثير ، وأمراض زائدة هلك فيها كثير من الناس . وفيها سار طغتكين ، صاحب دمشق ، إلى حمص ، فهجم على المدينة ونهبها وأحرق كثيرا منها وحصرها ، وصاحبها قرجان بالقلعة ، فاستمد صاحبها طغان أرسلان ، فسار إليه في جمع كثير ، فعاد طغتكين إلى دمشق . وفيها لقي أسطول مصر أسطول البنادقة من الفرنج ، فاقتتلوا ، وكان الظفر للبنادقة ، وأخذ من أسطول مصر عدة قطع ، وعاد الباقي سالما . وفيها سار الأمير محمود بن قراجة ، صاحب حماة ، إلى حصن أفامية فهجم على الربض بغتة ، فأصابه سهم من القلعة في يده ، فاشتد ألمه ، فعاد إلى حماة ، وقلع الزج من يده ، ثم عملت عليه ، فمات منه ، واستراح أهل عمله من ظلمه وجوره ، فلما سمع طغتكين ، صاحب دمشق ، الخبر سير إلى حماة عسكرا ، فملكها وصارت في جملة بلاده ، ورتب فيها واليا وعسكرا لحمايتها . وفي جمادى الآخرة: وصل ابن الباقرحي ومعه كتب من سنجر ومحمود بتسليم النظامية إليه ليدرس فيها ، فمنعه الفقهاء فألزمهم الديوان متابعته . وفي آخر شعبان: وصل أسعد الميهني بأخذ المدرسة والنظر فيها ، وفي نواحيها ، وأزاله ابن الباقرحي عنها ، ففعل واتفق الميهني والوزير أحمد بن النظام على أن دخل المدرسة قليل لا يمكن إجراء الأمر على النظام المتقدم ، وأنهم يقنعون ببعض المتفقهة ويقطعون من بقي ، فاختل بذلك أمر المدرس فدرس يوما واحدا ، وامتنع الفقهاء من الحضور ، وترك التدريس ثم مضى إلى المعسكر ليصلح حاله فأقام خواجا أحمد أبا الفتح بن برهان ليدرس نائبا إلى أن يأتي أسعد الميهني ، فألقى الدرس يوما ، فأحضره الوزير ابن صدقة ، وأسمعه المكروه ، وقال: كيف أقدمت على مكان قد رتب فيه مدرس؟ ثم ألزمه بيته وتقدم إلى قاضي القضاة فصرفه عن الشهادة ، وأمر أبا منصور ابن الرزاز بالنيابة في المدرسة .
وفيها عزم الخليفة على طهور أولاده وأولاد أخيه ، وكانوا اثني عشر ، فزينت بغداد سبعة أيام بزينة لم ير مثلها ، وأظهر الناس من الحلي والمصاغ والثياب ما لم ير مثله . واشتد الغلاء فبلغت كارة الدقيق الخشكار ستة دنانير ونصفا .