الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفيها عزل نقيب العلويين ، وهدمت دار علي بن أفلح ، وكان الخليفة يكرمه ، فظهر أنهما عين لدبيس يطالعانه بالأخبار ، وجعل الخليفة نقابة العلويين إلى علي بن طراد ، نقيب العباسيين . وفيها جمع الأمير بلك عساكره وسار إلى غزاة بالشام ، فلقيه الفرنج ، فاقتتلوا ، فانهزم الفرنج وقتل منهم وأسر بشر كثير من مقدميهم ورجالتهم . وفيها كان في أكثر البلاد غلاء شديد ، وكان أكثره بالعراق ، فبلغ ثمن كارة الدقيق الخشكار ستة دنانير وعشرة قراريط ، وتبع ذلك موت كثير ، وأمراض زائدة هلك فيها كثير من الناس . وفيها سار طغتكين ، صاحب دمشق ، إلى حمص ، فهجم على المدينة ونهبها وأحرق كثيرا منها وحصرها ، وصاحبها قرجان بالقلعة ، فاستمد صاحبها طغان أرسلان ، فسار إليه في جمع كثير ، فعاد طغتكين إلى دمشق . وفيها لقي أسطول مصر أسطول البنادقة من الفرنج ، فاقتتلوا ، وكان الظفر للبنادقة ، وأخذ من أسطول مصر عدة قطع ، وعاد الباقي سالما . وفيها سار الأمير محمود بن قراجة ، صاحب حماة ، إلى حصن أفامية فهجم على الربض بغتة ، فأصابه سهم من القلعة في يده ، فاشتد ألمه ، فعاد إلى حماة ، وقلع الزج من يده ، ثم عملت عليه ، فمات منه ، واستراح أهل عمله من ظلمه وجوره ، فلما سمع طغتكين ، صاحب دمشق ، الخبر سير إلى حماة عسكرا ، فملكها وصارت في جملة بلاده ، ورتب فيها واليا وعسكرا لحمايتها . وفي جمادى الآخرة: وصل ابن الباقرحي ومعه كتب من سنجر ومحمود بتسليم النظامية إليه ليدرس فيها ، فمنعه الفقهاء فألزمهم الديوان متابعته . وفي آخر شعبان: وصل أسعد الميهني بأخذ المدرسة والنظر فيها ، وفي نواحيها ، وأزاله ابن الباقرحي عنها ، ففعل واتفق الميهني والوزير أحمد بن النظام على أن دخل المدرسة قليل لا يمكن إجراء الأمر على النظام المتقدم ، وأنهم يقنعون ببعض المتفقهة ويقطعون من بقي ، فاختل بذلك أمر المدرس فدرس يوما واحدا ، وامتنع الفقهاء من الحضور ، وترك التدريس ثم مضى إلى المعسكر ليصلح حاله فأقام خواجا أحمد أبا الفتح بن برهان ليدرس نائبا إلى أن يأتي أسعد الميهني ، فألقى الدرس يوما ، فأحضره الوزير ابن صدقة ، وأسمعه المكروه ، وقال: كيف أقدمت على مكان قد رتب فيه مدرس؟ ثم ألزمه بيته وتقدم إلى قاضي القضاة فصرفه عن الشهادة ، وأمر أبا منصور ابن الرزاز بالنيابة في المدرسة .

            واشتد الغلاء فبلغت كارة الدقيق الخشكار ستة دنانير ونصفا .  وفيها عزم الخليفة على طهور أولاده وأولاد أخيه ، وكانوا اثني عشر ، فزينت بغداد سبعة أيام بزينة لم ير مثلها ، وأظهر الناس من الحلي والمصاغ والثياب ما لم ير مثله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية