الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر قتل المأمون بن البطائحي  

            في هذه السنة ، في رمضان ، قبض الآمر بأحكام الله العلوي ، صاحب مصر ، على وزيره أبي عبد الله بن البطائحي ، الملقب بالمأمون ، وصلبه وإخوته .

            وكان ابتداء أمره أن أباه كان من جواسيس الأفضل بالعراق ، فمات ولم يخلف شيئا ، فتزوجت أمه وتركته فقيرا ، فاتصل بإنسان يتعلم البناء بمصر ثم صار يحمل الأمتعة بالسوق الكبير ، فدخل مع الحمالين إلى دار الأفضل أمير الجيوش ، مرة بعد أخرى ، فرآه الأفضل خفيفا رشيقا ، حسن الحركة ، حلو الكلام ، فأعجبه ، فسأل عنه ، فقيل هو ابن فلان ، فاستخدمه مع الفراشين ، ثم تقدم عنده ، وكبرت منزلته ، وعلت حالته ، حتى صار وزيرا .

            وكان كريما ، واسع الصدر ، قتالا ، سفاكا للدماء ، وكان شديد التحرز ، كثير التطلع إلى أحوال الناس من العامة والخاصة من سائر البلاد : مصر ، والشام ، والعراق ، وكثر الغمازون في أيامه .

            وأما سبب قتله فإنه كان قد أرسل الأمير جعفرا أخا الآمر ليقتل الآمر ويجعله خليفة ، وتقررت القاعدة بينهما على ذلك ، فسمع بذلك أبو الحسن بن أبي أسامة ، وكان خصيصا بالآمر ، قريبا منه ، وقد ناله من الوزير أذى واطراح ، فحضر عند الآمر وأعلمه الحال ، فقبض عليه وصلبه ، وهذا جزاء من قابل الإحسان بالإساءة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية