ذكر حصر الفرنج طرابلس الغرب
وفي هذه السنة سارت مراكب الفرنج من صقلية إلى طرابلس الغرب فحصروها ، وسبب ذلك أن أهلها في أيام الأمير الحسن صاحب إفريقية ، لم يدخلوا يدا في طاعته ، ولم يزالوا مخالفين مشاقين له ، قد قدموا عليهم من بني مطروح مشايخ يدبرون أمرهم ، فلما رآهم ملك صقلية كذلك جهز إليهم في البحر ، فوصلوا إليهم تاسع ذي الحجة ، فنازلوا البلد وقاتلوه ، وعلقوا الكلاليب في سوره ، ونقبوه .
فلما كان الغد وصل جماعة من العرب نجدة لأهل البلد ، فقوي أهل طرابلس بهم ، فخرجوا إلى الأسطولية ، فحملوا عليهم حملة منكرة ، فانهزموا هزيمة فاحشة ، وقتل منهم خلق كثير ، ولحق الباقون بالأسطول وتركوا الأسلحة والأثقال والدواب ، فنهبها العرب وأهل البلد .
ورجع الفرنج إلى صقلية ، فجددوا أسلحتهم ، وعادوا إلى المغرب ، فوصلوا إلى جيجل ، فلما رآهم أهل البلد هربوا منه إلى البراري والجبال ، فدخلها الفرنج وسبوا من أدركوا فيها ، وهدموها وأحرقوا القصر الذي بناه يحيى بن العزيز بن حماد للنزهة ، ثم عادوا .