الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            في هذه السنة قلع الخليفة المقتفي لأمر الله باب الكعبة ، وعمل عوضه بابا مصفحا بالنقرة المذهبة ، وعمل لنفسه من الباب الأول تابوتا يدفن فيه إذا مات . وحدث في هذه السنة بالناس أمراض شديدة لأجل ما مر بهم من الشدائد وكثر المطر والرعد والبرق وبرد الزمان كأنه الشتاء والناس في أيار ، وفشا الموت في الصغار بالجدري ، وفي الكبار بالأمراض الحادة ، وغلت الأسعار ، وبيعت الدجاجة بنصف دانق ، والتبن خمسة أرطال بحبة وتعذر اللحم . وكان بخراسان غلاء شديد أكلت فيه سائر الدواب ، حتى الناس ، وكان بنيسابور طباخ ، فذبح إنسانا علويا وطبخه ، وباعه في الطبيخ ، ثم ظهر عليه أنه فعل ذلك ، فقتل ، وأسفر الغلاء ، وصلحت أحوال الناس . وفي سابع عشر رجب : خرج الخليفة فنزل بأوانا وقصد فم الدجيل وكان الحفر فيه ثم عاد وقصد نهر الملك ورحل يقصد البطائح يطلب ابن أبي الخير فهرب فعاد الخليفة إلى بغداد . وفي شعبان : استأذن الخليفة ابن جعفر صاحب مخزن الإمام المقتفي أن أجلس في داره فأذن له فكنت أعظ فيها كل جمعة .وفي شعبان : خرج الخليفة إلى الصيد فأقام عشرة أيام . وكانت وقعة عظيمة بين محمود بن زنكي وبين الإفرنج وفتح عسكر مصر غزة واستعادوها من الإفرنج ووصل رسول محمود بتحف وهدايا ورءوس الإفرنج وسلاحهم وأتراسهم . وفي هذه السنة : اغترم الوزير ابن هبيرة مالا يقارب ثلاثة آلاف دينار على طبق الإفطار طول رمضان وحضره الأماثل وكان طبقا جميلا يزيد على ما كان قبله من أطباق الوزراء ، وخلع على المفطرين الخلع السنية . وفي شوال قدم ابن الخجندي الفقيه والعاملي الحنفي صاحب التعليقة فتلقاهما الموكب وقبلا العتبة وحضرا مجلسي في دار صاحب المخزن . وقدم أبو الوقت فروى لنا صحيح البخاري عن الداودي فألحق الصغار بالكبار . وفيها : أعيدت نقابة الطالبيين إلى الطاهر أبي عبد الله بن عبيد الله  وقد كانت جعلت في ولده أبي الغنائم لأنه كان قد مرض مرضا أشرف منه على التلف ولم يشك الناس في هلاكه وحدثني بعد أن عوفي [ما يدل ] أن شخصا أطعمه فعزل في حالة المرض فلما عوفي أعيد .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية