الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            في هذه السنة مرض الخليفة المقتفي لأمر الله ، واشتد مرضه ، وعوفي ، فضربت البشائر ببغداد  ، وفرقت الصدقات من الخليفة ومن أرباب الدولة ، وغلق البلد أسبوعا . وفيها عاد ترشك إلى بغداد ، ولم يشعر به أحد إلا وقد ألقى نفسه تحت التاج ومعه سيف وكفن ، وكان قد عصى على الخليفة والتحق بالعجم ، فعاد الآن فرضي عنه ، وأذن له في دخول دار الخلافة وأعطي مالا . وفيها ، في جمادى الأولى ، أرسل محمد ( بن أنز ) صاحب قهستان عسكرا إلى بلد الإسماعيلية ليأخذ منهم الخراج الذي عليهم ، فنزل عليهم الإسماعيلية من الجبال ، فقتلوا كثيرا من العسكر ، وأسروا الأمير الذي كان مقدما عليهم اسمه قيبة ، وهو صهر ابن أنز ، فبقي عندهم أسيرا عدة شهور ، حتى زوج ابنته من رئيس الإسماعيلية علي بن الحسن ، وخلص من الأسر . ووصل في رسالة محمد شاه ومعه عدة رسل من أمراء الأطراف طلبا للمقاربة فلما نزلوا بشهر آبان أنفذ من دار الخلافة من استوقفهم هناك ولم يمكنوا من الوصول فأقاموا ثمانية عشر يوما ثم عادوا ولم تسمع رسالتهم . وفي هذه السنة : عاد الغز إلى نيسابور فنهبوها وكان بها ابن أخت سنجر فاندفع عنها إلى جرجان . وفيها : خرج الخليفة إلى واسط واجتاز بسوقها وأبصر جامعها ومضى إلى الغراف وزلت به فرسه في بعض الطريق فوقع إلى الأرض وشج جبينه بقبيعة سيف الركاب فانتاشه مملوك من مماليك الوزير فأعتقه الوزير وخلع عليه وحصل للطبيب ابن صفية مال لأنه خاط المكان وعاده . وفيها : وقع برد عظيم فهلكت قرى ، وذكر أنه كان في بعض البرد ما وزنه خمسة أرطال وأهلكت الغلة فلم يقدروا على علف . وتنافر الوزير ونقيب النقباء في كلام فوقع بأن يلزم النقيب بيته ثم رضي عنه بعد ذلك واصطلحا . وفي هذه السنة جمع ملك الروم جمعا عظيما ، وقصد الشام وضاق بالمسلمين الأمر ، ثم عاد الكفار خائبين  ، وغنم المسلمون وأسر ابن أخت ملكهم ، وكان سبب عودهم ضيقة الميرة عليهم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية