الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفاة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وولاية ابنه محمد  

            في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ثامن عشر ربيع الآخر ، وقيل جمادى الأولى توفي أبو يوسف يعقوب بن أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن ، صاحب المغرب والأندلس بمدينة سلا ، وكان قد سار إليها من مراكش ، وكان قد بنى مدينة محاذية لسلا وسماها المهدية ، من أحسن البلاد وأنزهها ، فسار إليها يشاهدها ، فتوفي بها ، وكان ذا جهاد للعدو ، ودين ، وحسن سيرة ، وكان يتظاهر بمذهب الظاهرية ، وأعرض عن مذهب مالك ، فعظم أمر الظاهرية في أيامه ، وكان بالمغرب منهم خلق كثير يقال لهم الجرمية ، ومنسوبون إلى محمد بن جرم ، رئيس الظاهرية ، إلا أنهم مغمورون بالمالكية . ففي أيامه ظهروا وانتشروا ، ثم في آخر أيامه استقضى الشافعية على بعض البلاد ومال إليهم .

            كانت مدة ملكه خمس عشرة سنة ، وكان كثير الجهاد ؛ رحمه الله ، وكان يؤم الناس في الصلوات الخمس ، وكان قريبا إلى المرأة والضعيف ، وهو الذي كتب إليه صلاح الدين يستنجده على الفرنج ، فلما لم يخاطبه بأمير المؤمنين غضب من ذلك ، ولم يجبه إلى ما طلب منه ، وقام بالملك بعده ولده محمد ، فسار كسيرة والده ، ورجع إليه كثير من البلدان اللاتي كانت قد عصت على أبيه ، ثم من بعد ذلك تفرقت بهم الأهواء ، وباد هذا البيت بعد الملك يعقوب .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية