الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            عدة حوادث  

            في سنة اثنتين وستمائة قتل سنجر بن مقلد بن سليمان بن مهارش ، أمير عبادة ، بالعراق . وكان سبب قتله أنه سعى بأبيه مقلد إلى الخليفة الناصر لدين الله ، فأمر بالتوكيل على أبيه ، ( فبقي مدة ) ، ثم أطلقه الخليفة ، ثم إن سنجر قتل أخا له اسمه . . . فأوغر بهذه الأسباب صدور أهله وإخوته ، فلما كان هذه السنة في شعبان نزل بأرض المعشوق ، وركب في بعض الأيام ومعه إخوته وغيرهم من أصحابه ، فلما انفرد عن أصحابه ضربه أخوه علي بن مقلد بالسيف فسقط إلى الأرض ، فنزل إخوته إليه فقتلوه .

            وفيها تجهز غياث الدين خسرو شاه صاحب مدينة الروم ، إلى مدينة طرابزون ، وحصر صاحبها لأنه كان قد خرج عن طاعته ، فضيق عليه ، فانقطعت لذلك الطرق من بلاد الروم ، والروس ، وقفجاق وغيرها ، برا وبحرا ، ولم يخرج منهم أحد إلى بلاد غياث الدين ، فدخل بذلك ضرر عظيم على الناس ، لأنهم كانوا يتجرون معهم ، ويدخلون بلادهم . ويقصدهم التجار من الشام ، والعراق ، والموصل ، والجزيرة وغيرها ، فاجتمع منهم بمدينة سيواس خلق كثير ، فحيث لم ينفتح الطريق تأذوا أذى كثيرا ، فكان السعيد منهم من عاد إلى رأس ماله .

            وفيها تزوج أبو بكر بن البهلوان ، صاحب أذربيجان وأران بابنة ملك الكرج ، وسبب ذلك أن الكرج تابعت الغارات منهم على بلاده لما رأوا من عجزه وانهماكه في الشرب واللعب وما جانسهما ، وإعراضه عن تدبير الملك وحفظ البلاد ، فلما رأى هو أيضا ذلك ، ولم يكن عنده من الحمية والأنفة من هذه المناحس ، ما يترك ما هو مصر عليه ، وأنه لا يقدر على الذب عن البلاد [ بالسيف ] ، عدل إلى الذب عنها بأيره ، فخطب ابنة ملكهم ، فتزوجها ، فكف الكرج عن النهب والإغارة والقتل ، فكان كما قيل : أغمد سيفه ، وسل أيره .

            وفيها حمل إلى إربل خروف وجهه صورة آدمي وبدنه بدن خروف ، وكان هذا من العجائب ] . وفيها استوزر الخليفة نصير الدين ناصر بن مهدي العلوي الحسني ، وخلع عليه بالوزارة وضربت الطبول بين يديه وعلى بابه في أوقات الصلوات . وفي شعبان منها هدمت القنطرة الرومانية التي كانت عند الباب الشرقي ونشرت حجارتها ليبلط بها الجامع الأموي بسفارة الوزير صفي الدين بن شكر ، وزير العادل ، وكمل تبليطه في سنة أربع وستمائة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية