في سنة ثلاث وستمائة قتل صبي صبيا آخر ببغداد ، وكانا يتعاشران ، وعمر كل واحد منهما يقارب عشرين سنة ، فقال أحدهما للآخر : الساعة أضربك بهذه السكين ، يمازحه بذلك ، وأهوى نحوه بها ، فدخلت في جوفه فمات ، فهرب القاتل ثم أخذ وأمر به ليقتل ، فلما أرادوا قتله طلب دواة [ وورقة ] بيضاء ، وكتب فيها من قوله :
قدمت على الكريم بغير زاد من الأعمال بالقلب السليم وسوء الظن أن تعتد زادا
إذا كان القدوم على كريم
وفيها قبض الخليفة على عبد السلام بن عبد الوهاب بن الشيخ عبد القادر الجيلاني ، بسبب فسقه وفجوره ، وقد أحرقت كتبه وأمواله قبل ذلك ; لما فيها من كتب الفلاسفة ، وعلوم الأوائل ، وأصبح يستعطي من الناس ، وهذا بخطيئة قيامه على الشيخ أبي الفرج بن الجوزي ; فإنه هو الذي كان وشى به إلى الوزير ابن القصاب حتى أحرقت بعض كتب ابن الجوزي ، وختم على بقيتها ، ونفي إلى واسط خمس سنين ، كما تقدم بيان ذلك ، والناس يقولون : في الله كفاية . وفي القرآن : وجزاء سيئة سيئة مثلها [ الشورى : 40 ] والصوفية يقولون : الطريق تأخذ حقها . والأطباء يقولون : الطبيعة مكافئة . وفيها نازلت الفرنج حمص فقاتلهم ملكها أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه الكبير ، وأعانه بالمدد الملك الظاهر صاحب حلب فكف الله شرهم ، ولله الحمد والمنة .