الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث استهلت سنة ثمان وستمائة والعادل مقيم على الطور لعمارة حصنه ، وجاءت الأخبار من بلاد المغرب بأن ابن عبد المؤمن قد كسر الفرنج بطليطلة كسرة عظيمة ، وربما فتح البلد عنوة ، وقتل منهم خلقا عظيما .

            وفيها كانت زلزلة عظيمة شديدة هدمت بمصر والقاهرة دورا كثيرة ،  وكذلك بمدينة الكرك والشوبك هدمت من قلعتها أبراجا ، ومات خلق كثير من الصبيان والنسوان تحت الهدم . ورئي دخان نازل من السماء إلى الأرض فيما بين المغرب والعشاء عند قبر عاتكة غربي دمشق .

            وفيها أظهرت الباطنية الإسلام ، وأقامت الحدود على من يتعاطى الحرام ، وبنوا الجوامع والمساجد ، وكتبوا إلى إخوانهم بالشام بمصياب وأمثالها بذلك ، وكتب زعيمهم جلال الدين إلى الخليفة يعلمه بذلك.

            وفيها اشترى الملك الأشرف جوسق الريس من النيرب من ابن عمه الظافر خضر بن صلاح الدين ، وبناه بناء حسنا ، وهو المسمى في زماننا بالدهشة . ذكر نهب الحاج بمنى

            وفي هذه السنة نهب الحاج بمنى ، وسبب ذلك أن باطنيا وثب على بعض أهل الأمير قتادة ، صاحب مكة ، فقتله بمنى ظنا منه أنه قتادة ، فلما سمع قتادة ذلك جمع الأشراف والعرب والعبيد وأهل مكة ، وقصدوا الحاج ، ونزلوا عليهم من الجبل ، ورموهم بالحجارة والنبل وغير ذلك ، وكان أمير الحاج ولد الأمير ياقوت المقدم ذكره ، وهو صبي لا يعرف كيف يفعل ، فخاف وتحير وتمكن أمير مكة من نهب الحاج ، فنهبوا منهم من كان في الأطراف ، وأقاموا على حالهم إلى الليل .

            فاضطرب الحاج ، وباتوا بأسوأ حال من شدة الخوف من القتل والنهب .

            فقال بعض الناس لأمير الحاج لينتقل بالحجاج إلى منزلة حجاج الشام ، فأمر بالرحيل ، فرفعوا أثقالهم على الجمال واشتغل الناس بذلك ، فطمع العدو فيهم . وتمكن من النهب كيف أراد ، فكانت الجمال تؤخذ بأحمالها ، والتحق من سلم بحجاج الشام فاجتمعوا بهم ، ثم رحلوا إلى الزاهر ، ومنعوا من دخول مكة ، ثم أذن لهم في ذلك فدخلوها وتمموا حجهم وعادوا .

            ثم أرسل قتادة ولده وجماعة من أصحابه إلى بغداد ، فدخلوها ومعهم السيوف مسلولة والأكفان ، فقبلوا العتبة ، واعتذروا مما جرى على الحجاج .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية