ذكر عدة حوادث استهلت سنة ثمان وستمائة والعادل مقيم على الطور لعمارة حصنه ، وجاءت الأخبار من بلاد المغرب بأن ابن عبد المؤمن قد كسر الفرنج بطليطلة كسرة عظيمة ، وربما فتح البلد عنوة ، وقتل منهم خلقا عظيما .
وفيها كانت وكذلك بمدينة الكرك والشوبك هدمت من قلعتها أبراجا ، ومات خلق كثير من الصبيان والنسوان تحت الهدم . ورئي دخان نازل من السماء إلى الأرض فيما بين المغرب والعشاء عند قبر عاتكة غربي دمشق . زلزلة عظيمة شديدة هدمت بمصر والقاهرة دورا كثيرة ،
وفيها أظهرت الباطنية الإسلام ، وأقامت الحدود على من يتعاطى الحرام ، وبنوا الجوامع والمساجد ، وكتبوا إلى إخوانهم بالشام بمصياب وأمثالها بذلك ، وكتب زعيمهم جلال الدين إلى الخليفة يعلمه بذلك.
وفيها اشترى الملك الأشرف جوسق الريس من النيرب من ابن عمه الظافر خضر بن صلاح الدين ، وبناه بناء حسنا ، وهو المسمى في زماننا بالدهشة . ذكر نهب الحاج بمنى
وفي هذه السنة نهب الحاج بمنى ، وسبب ذلك أن باطنيا وثب على بعض أهل الأمير قتادة ، صاحب مكة ، فقتله بمنى ظنا منه أنه قتادة ، فلما سمع قتادة ذلك جمع الأشراف والعرب والعبيد وأهل مكة ، وقصدوا الحاج ، ونزلوا عليهم من الجبل ، ورموهم بالحجارة والنبل وغير ذلك ، وكان أمير الحاج ولد الأمير ياقوت المقدم ذكره ، وهو صبي لا يعرف كيف يفعل ، فخاف وتحير وتمكن أمير مكة من نهب الحاج ، فنهبوا منهم من كان في الأطراف ، وأقاموا على حالهم إلى الليل .
فاضطرب الحاج ، وباتوا بأسوأ حال من شدة الخوف من القتل والنهب .
فقال بعض الناس لأمير الحاج لينتقل بالحجاج إلى منزلة حجاج الشام ، فأمر بالرحيل ، فرفعوا أثقالهم على الجمال واشتغل الناس بذلك ، فطمع العدو فيهم . وتمكن من النهب كيف أراد ، فكانت الجمال تؤخذ بأحمالها ، والتحق من سلم بحجاج الشام فاجتمعوا بهم ، ثم رحلوا إلى الزاهر ، ومنعوا من دخول مكة ، ثم أذن لهم في ذلك فدخلوها وتمموا حجهم وعادوا .
ثم أرسل قتادة ولده وجماعة من أصحابه إلى بغداد ، فدخلوها ومعهم السيوف مسلولة والأكفان ، فقبلوا العتبة ، واعتذروا مما جرى على الحجاج .