ذكر عدة حوادث
في سنة ثلاث عشرة وستمائة، في المحرم ، وقع بالبصرة برد كثير ، وهو مع كثرته عظيم القدر قيل : كان أصغره مثل النارنجة الكبيرة ، وقيل في أكبره ما يستحي الإنسان أن يذكره ، فكسر كثيرا من رءوس النخيل .
وفي المحرم أيضا سير الخليفة الناصر لدين الله ولدي ابنه المعظم علي إلى تستر ، وهما المؤيد والموفق ، وسار معهما مؤيد الدين النائب عن الوزارة ، وعز الدين الشرابي ، فأقاما بها يسيرا ، ثم عاد الموفق مع الوزير والشرابي إلى بغداد أواخر ربيع الآخر .
وفيها ، في صفر ، هبت ببغداد ريح سوداء شديدة ، كثيرة الغبار والقتام ، وألقت رملا كثيرا ، وقلعت كثيرا من الشجر ، فخاف الناس وتضرعوا ، ودامت من العشاء الآخرة إلى ثلث الليل وانكشفت . قال أبو شامة : فيها أحضرت الأوتاد الخشب الأربعة لأجل قبة نسر الجامع ، طول كل واحد اثنان وثلاثون ذراعا بالنجار .
وفيها شرع في تجديد خندق باب السر المقابل لدار الطعم العتيقة إلى جانب باناس قلت : وهي إصطبل السلطان اليوم ، وقد نقل السلطان المعظم بنفسه التراب ، ومماليكه تحمل بين يديه على القربوس القفاف من التراب ، فيفرغونها في الميدان الأخضر ، وكذلك أخوه الصالح إسماعيل ومماليكه ، يعمل هذا يوما وهذا يوما .
وفيها وقعت فتنة بين أهل الشاغور وأهل العقيبة ، اقتتلوا بالرحبة والصيارف ، فركب الجيش ملبسا ، وجاء السلطان المعظم بنفسه ، فحبس رءوسهم .
وفيها رتب بالمصلى خطيب مستقل ، وأول من باشرها الصدر معيد الفلكية ، ثم خطب بعده بهاء الدين بن أبي اليسر ، ثم بنو حسان ، وإلى الآن .