الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي يوم الخميس ثامن رجب دخل الظاهر إلى دمشق وفي صحبته ولده الملك السعيد وابن الحنا الوزير وجمهور الجيش ، ثم خرجوا متفرقين وتواعدوا أن يلتقوا بالساحل; ليشنوا الغارة على جبلة واللاذقية ومرقب وعرقة وما هنالك من البلاد ، فلما اجتمعوا فتحوا صافيتا والمجدل ، ثم ساروا فنزلوا على حصن الأكراد يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب ، وله ثلاث أسوار ، فنصبوا عليها المنجنيقات ، ففتحها قهرا يوم نصف شعبان ، فدخل الجيش ، وكان الذي يحاصره ولد السلطان الملك السعيد ، فأطلق السلطان أهله ، ومن عليهم وأجلاهم إلى طرابلس ، وتسلم القلعة بعد عشرة أيام من الفتح فأجلى أهلها أيضا ، وجعل كنيسة البلد جامعا ، وأقام فيه الجمعة ، وولى فيها نائبا وقاضيا ، وأمر بعمارة البلد ، وبعث صاحب أنطرطوس بمفاتيح بلده يطلب منه الصلح على أن يكون نصف مغل بلاده للسلطان ، وأن يكون له بها نائبا ، فأجابه إلى ذلك ، وكذلك فعل صاحب المرقب ، فصالحه أيضا على المناصفة ووضع الحرب عشر سنين ، وبلغ السلطان وهو مخيم على حصن الأكراد أن صاحب جزيرة قبرس قد ركب بجيشه إلى عكا لينصر أهلها خوفا من السلطان ، فأراد السلطان أن يغتنم هذه الفرصة ، فبعث جيشا كثيفا في سبعة عشر شينيا ليأخذوا جزيرة قبرس في غيبة صاحبها عنها ، فسارت المراكب مسرعة ، فلما قاربت المدينة جاءتها ريح قاصف ، فصدم بعضها بعضا ، فانكسر منها أربعة عشر مركبا بإذن الله تعالى ، فغرق خلق ، وأسر الفرنج من الصناع والرجال قريبا من ألف وثمانمائة إنسان ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . ثم سار السلطان ، فنصب المجانيق على حصن عكا ، فسأله أهلها الأمان على أن يجليهم فأجابهم إلى ذلك ، ودخل البلد يوم عيد الفطر فتسلمه ، وكان الحصن شديد الضرر على المسلمين ، وهو واد بين جبلين ، ثم سار السلطان نحو طرابلس ، فأرسل إليه صاحبها يقول : ما مراد السلطان في هذه الأرض؟ فقال : جئت لأرعى زروعكم ، وأخرب بلادكم ، ثم أعود إلى حصاركم في العام الآتي . فأرسل يستعطفه ويطلب منه المصالحة ووضع الحرب بينهم عشر سنين ، فأجابه إلى ذلك ، وأرسل إليه الإسماعيلية يستعطفونه على والدهم وكان مسجونا بالقاهرة ، فقال : سلموا إلي العليقة ، وانزلوا فخذوا إقطاعات بالقاهرة ، وتسلموا أباكم . فلما نزلوا أمر بحبسهم بالقاهرة ، واستناب بحصن العليقة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية