الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي خامس جمادى الأولى وصل السلطان بعسكره إلى الفرات; لأنه بلغه أن طائفة من التتار هنالك ، فخاض إليهم الفرات بنفسه وجنده ، وقتل من أولئك مقتلة كبيرة وخلقا كثيرا ، وكان أول من اقتحم الفرات يومئذ الأمير سيف الدين قلاوون وبدر الدين بيسري ، وتبعهما السلطان ، ثم فعل بالتتار ما فعل ، ثم ساق إلى ناحية البيرة ، وقد كانت محاصرة بطائفة من التتار أخرى ، فلما سمعوا بقدومه هربوا وتركوا أموالهم وأثقالهم ، ودخل السلطان إلى البيرة في أبهة عظيمة ، وفرق في أهلها أموالا كثيرة ، ثم عاد إلى دمشق في ثالث جمادى الآخرة ومعه الأسرى . وخرج منها في سابعه إلى الديار المصرية ، وخرج ولده الملك السعيد لتلقيه ، ودخلا إلى القاهرة وكان يوما مشهودا . ومما قاله القاضي شهاب الدين محمود الكاتب - وأولاده يقال لهم : بنو الشهاب محمود - في خوض السلطان الفرات بالجيش :


            سر حيث شئت لك المهيمن جار واحكم فطوع مرادك الأقدار     لم يبق للدين الذي أظهرته
            يا ركنه عند الأعادي ثار     لما تراقصت الرءوس تحركت
            من مطربات قسيك الأوتار     خضت الفرات بسابح أفضى به
            موج الصبا من فعله الآثار     حملتك أمواج الفرات ومن رأى
            بحرا سواك تقله الأنهار     وتقطعت فرقا ولم يك طودها
            إذ ذاك إلا جيشك الجرار

            وقال بعض من شاهد ذلك :


            ولما تراءينا الفرات بخيلنا     سكرناه منا بالقنا والصوارم
            فأوقفت التيار عن جريانه     إلى حين عدنا بالغنى والغنائم

            وقال آخر ولا بأس به :


            الملك الظاهر سلطاننا     نفديه بالأموال والأهل
            اقتحم الماء ليطفي به     حرارة القلب من المغل

            التالي السابق


            الخدمات العلمية