الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ولما بلغ الملك المنصور بالديار المصرية ما كان من أمر سنقر الأشقر بالشام أرسل إليه جيشا كثيفا ، فهزموا عسكر سنقر الأشقر  الذي كان قد أرسله إلى غزة ، وساقوهم بين أيديهم حتى وصل جيش المصريين إلى قريب دمشق ، فأمر الملك الكامل أن يضرب دهليزه بالجسورة ، وذلك في يوم الأربعاء ثاني عشر صفر ، ونهض بنفسه وبمن معه فنزل هنالك ، واستخدم خلقا كثيرا وأنفق أموالا جزيلة ، وانضاف إليه عرب الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا وشهاب الدين أحمد بن حجي ، ونجدة حلب ونجدة حماة ورجال كثيرة من جبال بعلبك ، فلما كان يوم الأحد السادس عشر من صفر أقبل الجيش المصري صحبة الأمير علم الدين سنجر الحلبي ، فلما تراءى الجمعان وتقابل الفريقان تقاتلوا إلى الرابعة في النهار ، فقتل نفر كثير ، وثبت الملك الكامل سنقر الأشقر ثباتا جيدا ، ولكن خامر عليه الجيش ، فمنهم من صار إلى المصري ، ومنهم من انهزم في كل وجه ، وتفرق عنه أصحابه ، فلم يسعه إلا الانهزام على طريق المرج في طائفة يسيرة في صحبة عيسى بن مهنا ، فسار بهم إلى برية الرحبة ، فأنزلهم في بيوت من شعر ، وأقام بهم وبدوابهم مدة مقامهم عنده ، ثم بعث الأمراء الذين انهزموا عنه ، فأخذوا لهم أمانا من الأمير سنجر ، وقد نزل في ظاهر دمشق وهي مغلوقة ، فراسل نائب القلعة ، ولم يزل به حتى فتح باب الفرج من آخر النهار ، وفتحت القلعة من داخل البلد ، فتسلمها للمنصور ، وأفرج عن الأمير ركن الدين بيبرس العجمي المعروف بالجالق ، والأمير حسام الدين لاجين المنصوري ، وغيرهم من الأمراء الذين كان قد اعتقلهم سنقر الأشقر ، وأرسل سنجر البريدية إلى الملك المنصور يعلمونه بصورة الحال ، وأرسل سنجر ثلاثة آلاف في طلب سنقر الأشقر .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية