الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            كتب السلطان المنصور إلى مصر وغيرها من البلاد يستدعي الجيوش لأجل اقتراب مجيء التتار; فدخل أحمد بن حجي ومعه بشر كثير من الأعراب ، وجاء صاحب الكرك الملك المسعود نجدة للسلطان يوم السبت الثاني عشر من جمادى الآخرة ، وقدم الناس عليه ، ووفدوا إليه من كل مكان ، وجاءته التركمان والأعراب وغيرهم ، وكثرت الأراجيف بدمشق ، وكثرت العساكر بها ، وانجفل الناس من بلاد حلب وتلك النواحي ، وتركوا الغلات والأموال خوفا من أن يدهمهم العدو من التتار ، ووصلت التتر صحبة منكوتمر بن هولاكو إلى عين تاب ، وسارت العساكر المنصورة إلى نواحي حلب يتبع بعضها بعضا ، ونازلت التتر بالرحبة في أواخر جمادى الآخرة طائفة من الأعراب ، وكان فيهم ملك التتار أبغا مختفيا ينظر ماذا يصنع أصحابه ، وكيف يقاتلون أعداءه ، ثم خرج الملك المنصور من دمشق وكان خروجه منها في أواخر جمادى ، وقنت الخطباء والأئمة بالجوامع والمساجد وغيرها في الصلوات ، وجاء مرسوم السلطان باستسلام أهل الذمة من الدواوين والكتبة ، ومن لا يسلم يصلب ، فأسلموا كرها ، فكانوا يقولون : آمنا وحكم الحاكم بإسلامنا . بعد أن عرض من امتنع منهم على الصلب بسوق الخيل ، وجعلت الحبال في أعناقهم ، فأجابوا والحالة هذه ، ولما انتهى السلطان الملك المنصور إلى حمص كتب إلى الملك الكامل سنقر الأشقر يطلبه إليه نجدة ، فجاء إلى خدمته ، فأكرمه السلطان واحترمه ورتب له الإقامات ، وتكاملت الجيوش كلها في صحبة الملك المنصور عازمين على لقاء العدو لا محالة مخلصين في ذلك ، واجتمع الناس بعد خروج الملك في جامع دمشق ، ووضعوا المصحف العثماني بين أيديهم ، وجعلوا يبتهلون إلى الله تعالى في نصرة الإسلام وأهله على الأعداء ، وخرجوا كذلك والمصحف على رءوسهم إلى المصلى يدعون ويبتهلون ويبكون ، وأقبلت التتار قليلا قليلا ، فلما وصلوا حماة أحرقوا بستان الملك وقصره وما هنالك من المساكن ، والسلطان المنصور مخيم بحمص في عساكر من الأتراك والتركمان وغيرهم في جحفل كثير جدا ، فأقبلت التتار في مائة ألف مقاتل أو يزيدون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية