ومن اتبعك من المؤمنين قال الزجاج : في محل النصب على المفعول معه كقوله على بعض الروايات :
فحسبك والضحاك سيف مهند إذا كانت الهيجاء واشتجر القنا
وتعقبه أبو حيان بأنه مخالف لكلام سيبويه فإنه جعل زيدا في قولهم : حسبك وزيدا درهم منصوبا بفعل مقدر أي وكفى زيدا درهم وهو من عطف الجمل عنده انتهى ، وأنت تعلم أن سيبويه كما قال ابن تيمية لأبي حيان لما احتج عليه بكلامه حين أنشد له قصيدة فغلطه فيها ليس نبي النحو فيجب اتباعه ، وقال الفراء : إنه يقدر نصبه على موضع الكاف ، واختاره ابن عطية ، ورده السفاقسي بأن إضافته حقيقية لا لفظية فلا محل له اللهم إلا أن يكون من عطف التوهم وفيه ما فيه .
وجوز أن يكون في محل الجر عطفا على الضمير المجرور وهو جائز عند الكوفيين بدون إعادة الجار ومنعه البصريون بدون ذلك لأنه كجزء الكلمة فلا يعطف عليه ، وأن يكون في محل رفع إما على أنه مبتدأ والخبر محذوف أي ومن اتبعك من المؤمنين كذلك أي حسبهم الله تعالى ، وإما على أنه خبر مبتدأ محذوف أي وحسبك من اتبعك ، وإما على أنه عطف على الاسم الجليل واختاره الكسائي وغيره ، وضعف بأن الواو للجمع ولا يحسن هاهنا كما لم يحسن في: ما شاء الله تعالى وشئت والحسن فيه، ثم وفي الإخبار ما يدل عليه اللهم إلا أن يقال بالفرق بين وقوع ذلك منه تعالى وبين وقوعه منا ، والآية على ما روي عن الكلبي نزلت في البيداء في غزوة بدر قبل القتال ، والظاهر شمولها للمهاجرين والأنصار ، وعن الزهري أنها نزلت في الأنصار .
وأخرج الطبراني وغيره عن ابن عباس ، وابن المنذر عن ابن جبير ، وأبو الشيخ عن ابن المسيب أنها نزلت يوم أسلم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه مكملا أربعين مسلما ذكورا وإناثا هن ست وحينئذ تكون مكية .
[ ص: 31 ] و ( من ) يحتمل أن تكون بيانية وأن تكون تبعيضية وذلك للاختلاف في المراد بالموصول .


