ومنهم من يلمزك في الصدقات   أي يعيبك في شأنها ، وقرأ يعقوب   ( يلمزك ) بضم الميم وهي قراءة  الحسن  ،  والأعرج  ، وقرأ  ابن كثير   ( يلامزك ) هو من الملامزة بمعنى اللمز ، والمشهور أنه مطلق العيب كالهمز ، ومنهم من فرق بينهما بأن اللمز في الوجه والهمز في الغيب وهو المحكي عن  الليث  وقد عكس أيضا وأصل معناه الدفع ( فإن أعطوا منها   ) بيان لفساد لمزهم وأنه لا منشأ له إلا حرصهم على حطام الدنيا أي إن أعطيتهم من تلك الصدقات قدر ما يريدون ( رضوا   ) بما وقع في القسمة واستحسنوا فعلك ( وإن لم يعطوا منها   ) ذلك المقدار ( إذا هم يسخطون   ) أي : يفاجئون السخط ، و ( إذا ) نابت مناب فاء الجزاء وشرط لنيابتها عنه كون الجزاء جملة اسمية ، ووجه نيابتها دلالتها على التعقيب كالفاء ، وغاير سبحانه بين جوابي الجملتين إشارة إلى أن سخطهم ثابت لا يزول ولا يفنى بخلاف رضاهم ، وقرأ إياد بن لقيط   ( إذا هم ساخطون ) والآية نزلت في ذي الخويصرة  واسمه حرقوص بن زهير التميمي  جاء ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقسم غنائم هوازن  يوم حنين  فقال : يا رسول الله اعدل ، فقال عليه الصلاة والسلام : " ومن يعدل إذا لم أعدل " فقال  عمر بن الخطاب   : يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : " دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية  " الحديث ، وأخرج  ابن مردويه  عن  ابن مسعود  قال : لما قسم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غنائم حنين  سمعت رجلا يقول : إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله تعالى فأتيت النبي عليه الصلاة والسلام فذكرت ذلك له فقال : " رحمة الله تعالى على موسى  قد أوذي بأكثر من هذا فصبر  " ونزلت الآية . 
 [ ص: 120 ] وأخرج  ابن جرير  ، وغيره عن داود بن أبي عاصم  قال : " أوتي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بصدقة فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت ووراءه رجل من الأنصار فقال : ما هذا بالعدل فنزلت  " ، وعن  الكلبي  أنها نزلت في أبي الجواظ  المنافق قال : ألا ترون إلى صاحبكم إنما يقسم صدقاتكم في رعاء الغنم ويزعم أنه يعدل  . 
وتعقب هذا ولي الدين العراقي  بأنه ليس في شيء من كتب الحديث ، وأنت تعلم أن أصح الروايات الأولى إلا أن كون سبب النزول قسمته صلى الله تعالى عليه وسلم للصدقة على الوجه الذي فعله أوفق بالآية من كون ذلك قسمته للغنيمة. فتأمل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					