فأما من أوتي كتابه بيمينه تفصيل لأحكام العرض والمراد بكتابه ما كتب الملائكة فيه ما فعله في الدنيا . وقد ذكروا أن أعمال كل يوم وليلة تكتب في صحيفة فتتعدد صحف العبد الواحد فقيل توصل له فيؤتاها موصولة . وقيل ينسخ ما في جميعها في صحيفة واحدة وهذا ما جزم به عليه الرحمة وعلى القولين يصدق على ما يؤتاه العبد كتاب وقيل إن العبد يكتب في قبره أعماله في كتاب وهو الذي يؤتاه يوم القيامة وهذا قول ضعيف لا يعول عليه . الغزالي
وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان كيف يؤتى العبد ذلك فيقول تبجحا وافتخارا هاؤم اقرءوا كتابيه قال (ها اسم لخذ وفيه ثمان لغات الأولى بالألف مفردة ساكنة للواحد والاثنين والجمع مذكرا كان أو مؤنثا . الثانية أن تلحق هذه الألف المفردة كاف الخطاب الحرفية كما في ذلك وتصرفها نحو هاك هاكما هاكم هاكن . الثالثة أن تلحق الألف همزة مكان الكاف وتصريفها تصريف الكاف نحوها هاؤها هاؤم هاء هاؤما هاؤن . الرابعة أن تلحق الألف همزة مفتوحة قبل كاف الخطاب وتصرف الكاف الخامسة هاء بهمزة [ ص: 47 ] ساكنة بعد الهاء للكل السادسة أن تصرف هذه الجملة تصريف دع السابعة أن تصرفها تصريف خف . الرضي
ومن ذلك ما حكى من قول من قيل له هاء بالفتح إلام إهاء وأهاء بفتح همزة المتكلم وكسرها الثامنة أن تلحق الألف همزة وتصرفها تصريف ناد والثلاثة الأخيرة أفعال غير متصرفة لا ماضي لها ولا مضارع وليست بأسماء أفعال قال الكسائي الجوهري : هاء بكسرة الهمزة بمعنى هات وبفتحها بمعنى خذ وإذا قيل لك هاء بالفتح قلت ما أهاء أي ما آخذ وما أهاء على ما لم يسم فاعله أي ما أعطى وهذا الذي قال مبني على السابعة نحو ما أخاف =وما أخاف انتهى . .
وقال أبو القاسم : فيها لغات أجودها ما حكاه في كتابه فقال: سيبويه العرب تقول: هاء يا رجل بفتح الهمزة وهاء يا امرأة بكسرها، وهاؤما يا رجلان أو امرأتان، وهاؤم يا رجال، وهاؤن يا نسوة فالميم في هاؤم كالميم في أنتم وضمها كضمها في بعض الأحيان وفسر هاهنا بخذوا وهو متعد بنفسه إلى المفعول تعديته والمفعول محذوف دل عليه المذكور أعني كتابيه وهو مفعول اقرءوا واختير هذا دون العكس لأنه لو كان مفعول هاؤم لقيل اقرؤوه إذ الأولى إضمار الضمير إذ أمكن كما هنا، وإنما لم يظهر في الأول لئلا يعود على متأخر لفظا ورتبة وهو منصوب مع أن العامل على اللغة الجيدة اسم فعل فلا يتصل به الضمير . .
وقيل ( هاؤم ) بمعنى تعالوا فيتعدى بإلى وزعم = القتبي أن الهمزة بدل من الكاف قيل وهو ضعيف إلا إن كان قد عنى أنها تحل محلها في لغة كما سمعت فيمكن لا أنه بدل صناعي لأن الكاف لا تبدل من الهمزة ولا الهمزة منها . وقيل: ( هاؤم ) كلمة وضعت لإجابة الداعي عند الفرح والنشاط .
وفي الحديث وجوز إرادة هذا المعنى هنا فإنه يحتمل أن ينادي ذلك المؤتى كتابه بيمينه أقرباؤه وأصحابه مثلا ليقرؤوا كتابه فيجيبهم لمزيد فرحه ونشاطه بقوله أنه عليه الصلاة والسلام ناداه أعرابي بصوت عال فجاوبه صلى الله عليه وسلم هاؤم بصولة صوته هاؤم وزعم قوم أنها مركبة في الأصل ها أموا أي اقصدوا ثم نقله التخفيف والاستعمال إلى ما ذكر .
وزعم آخرون أن الميم ضمير جماعة الذكور والهاء في ( كتابيه ) وكذا في ( حسابيه وماليه ) [الحاقة: 28] ( وسلطانيه ) [الحاقة: 29] وكذا ( ما هيه ) في [القارعة: 10] للسكت لا ضمير غيبة فحقها أن تحذف وصلا وتثبت وقفا لتصان حركة الموقوف عليه، فإذا وصل استغنى عنها ومنهم من أثبتها في الوصل لإجرائه مجرى الوقف أو لأنه وصل بنية الوقف والقراءات مختلفة فقرأ الجمهور بإثباتها وصلا ووقفا .
قال اتباعا للمصحف الإمام وتعقبه الزمخشري ابن المنير فقال: تقليل القراءة باتباع المصحف عجيب مع أن المعتقد الحق أن القراءات بتفاصيلها منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأطال في التشنيع عليه وهو كما قال وقرأ ابن محيصن بحذفها وصلا ووقفا وإسكان الياء فيما ذكر ولم ينقل ذلك في ما هيه فيما وقفت عليه وابن أبي إسحاق بطرح الهاء فيهن في الوصل لا في الوقف وطرحها والأعمش في مالي وسلطاني وما هي في الوصل لا في الوقف وفتح الياء فيهن وما قاله حمزة الزهراوي من أن إثبات الهاء في الوصل لحن لا يجوز عند أحد علمته ليس بشيء فإن ذلك متواتر فوجب قبوله .