وقوله تعالى حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا جملة شرطية مقرونة بحتى الابتدائية وهي وإن لم تكن جارة فيها معنى الغاية فمدخولها غاية لمحذوف دلت عليه الحال من استضعاف الكفار لأنصاره عليه الصلاة والسلام واستقلالهم لعدده كأنه قيل: لا يزالون يستضعفون ويستهزئون حتى إذا رأوا ما يوعدون من فنون العذاب في الآخرة تبين لهم أن المستضعف من هو ويدل على ذلك أيضا جواب الشرط وكذا ما قيل على ما قيل لأن قوله سبحانه قل إنما أدعو ربي تعريض بالمشركين كيفما قدر بل السورة الكريمة من مفتتحها مسوقة للتعريض بحال مشركي مكة وتسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتسرية عنه عليه الصلاة والسلام وتعبير لهم بقصور نظرهم عن الجن مع ادعائهم الفطانة وقلة إنصافهم ومبادهتهم بالتكذيب والاستهزاء بدل مبادهة الجن بالتصديق والاستهداء، ويجوز جعل ذلك غاية لقوله تعالى يكونون عليه لبدا إن فسر بالتلبد على العداوة ولا مانع من تخلل أمور غير أجنبية بين الغاية والمغيا
فقول أبي حيان أنه بعيد جدا لطول الفصل بينهما بالجمل الكثيرة ليس بشيء كجعله إياه غاية لما تضمنته الجملة قبل يعني فإن له نار جهنم من الحكم بكينونة النار له ومثل ذلك ما قيل من أنه غاية لمحذوف والتقدير دعهم حتى إذا رأوا إلخ والظاهر أن ( من ) استفهامية كما أشرنا إليه وهي مبتدأ ( وأضعف ) خبر والجملة في موضع نصب بما قبلها وقد علق عن العمل لمكان الاستفهام وجوز كونها موصولة في موضع نصب ب (يعلمون ( وأضعف ) خبر مبتدأ محذوف والجملة صلة لمن والتقدير فسيعرفون الذي هو أضعف وحسن حذف صدر الصلة طولها بالتمييز وجوز تفسير ما يوعدون بيوم بدر ورجح الأول بأن الظاهر أن .