ذلك إشارة إلى يوم قيامهم على الوجه المذكور وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإيذان بعلو درجته وبعد منزلته في الهول والفخامة ومحله الرفع على الابتداء خبره قوله تعالى: اليوم الموصوف بقوله سبحانه: الحق أو هو الخير، واليوم بدل أو عطف بيان والمراد بالحق الثابت المتحقق؛ أي: ذلك اليوم الثابت الكائن لا محالة، والجملة مؤكدة لما قبل؛ ولذا لم تعطف، والفاء في قوله عز وجل: فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا فصيحة تفصح عن شرط محذوف، ومفعول المشيئة محذوف دل عليه الجزاء و إلى ربه متعلق بما تقدم عليه اهتماما به ورعاية للفواصل كأنه قيل: وإذا كان الأمر كما ذكر من تحقق الأمر المذكور لا محالة فمن شاء أن يتخذ مرجعا إلى ثواب ربه الذي ذكر شأنه العظيم فعل ذلك بالإيمان والطاعة، وقال فيما رواه عنه قتادة عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر: مآبا أي: سبيلا، وتعلق الجار به لما فيه من معنى الإفضاء والإيصال، والأول أظهر. وتقدير المضاف أعني الثواب قيل لاستحالة الرجوع إلى ذاته عز وجل، وقيل: لأن رجوع كل أحد إلى ربه سبحانه ليس بمشيئته؛ إذ لا بد منه شاء أم لا، والمعلق بالمشيئة الرجوع إلى ثوابه تعالى؛ فإن وقيل: لتقدم قوله تعالى: العبد مختار في الإيمان والطاعة ولا ثواب بدونهما، للطاغين مآبا فإن لهم مرجعا لله تعالى أيضا لكن للعقاب لا للثواب ولكل وجهة.