قوله تعالى : يزجي سحابا فيه وجهان :
أحدهما : ينزله قليلا بعد قليل ، ومنه البضاعة المزجاة لقلتها .
الثاني : أنه يسوقه إلى حيث شاء ومنه زجا الخراج إذا انساق إلى أهله قال النابغة:
إني أتيتك من أهلي ومن وطني أزجي حشاشة نفس ما بها رمق
ثم يؤلف بينه أي يجمعه ثم يفرقه عند انتشائه ليقوى ويتصل .
[ ص: 113 ] ثم يجعله ركاما أي يركب بعضه بعضا .
فترى الودق يخرج من خلاله فيه قولان :
أحدهما : أن الودق البرق يخرج من خلال السحاب قال الشاعر:
أثرن عجاجة وخرجن منها     خروج الودق من خلل السحاب 
وهذا قول أبي الأشهب :
الثاني : أنه المطر يخرج من خلال السحاب ، وهو قول الجمهور ، ومنه قول الشاعر:
فلا مزنة ودقت ودقها     ولا أرض أبقل أبقالها 
وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن في السماء جبال برد فينزل من تلك الجبال ما يشاء فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء .
الثاني : أنه ينزل من السماء بردا يكون كالجبال .
الثالث : أن السماء السحاب ، سماه لعلوه ، والجبال صفة السحاب أيضا سمي جبالا لعظمه فينزل منه بردا يصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء فتكون إصابته نقمة وصرفه نعمة .
يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : صوت برقه .
الثاني : ضوء برقه ، قاله يحيى بن سلام ومنه قول الشماخ :
وما كادت إذا رفعت سناها     ليبصر ضوءها إلا البصير 
الثالث : لمعان برقه ، قاله قتادة والصوت حادث عن اللمعان كما قال امرؤ القيس :
[ ص: 114 ]
يضي سناه أو مصابيح راهب     أمال السليط بالذبال المفتل 
فيكون البرق دليلا على تكاثف السحاب ، ونذيرا بقوة المطر ، ومحذرا من نزول الصواعق .
قوله تعالى : يقلب الله الليل والنهار فيه ثلاث أوجه :
أحدها : هو أن يأتي بالليل بعد النهار ويأتي بالنهار بعد الليل ، حكاه ابن عيسى .
الثاني : أن ينقص من الليل ما يزيد من النهار وينقص من النهار ما يزيد في الليل ، حكاه يحيى بن سلام .
الثالث : أنه يغير النهار بظلمة السحاب تارة وبضوء الشمس أخرى ، ويغير الليل بظلمة السحاب مرة وبضوء القمر مرة ، حكاه النقاش . ويحتمل رابعا : أن يقلبها باختلاف ما يقدر فيهما من خير وشر ونفع وضر .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					