الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير

                                                                                                                                                                                                                                        وما يستوي البحران يحتمل وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : ما يستويان في أنفسهما .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : في منافع الناس بهما .

                                                                                                                                                                                                                                        هذا عذب فرات والفرات هو العذب وذكره تأكيدا لاختلاف اللفظين كما يقال هذا حسن جميل .

                                                                                                                                                                                                                                        سائغ شرابه أي ماؤه .

                                                                                                                                                                                                                                        وهذا ملح أجاج أي مر مأخوذ من أجة النار كأنه يحرق من شدة المرارة ، قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        درة في اليمين أخرجها بالغا من قعر بحر ملح أجاج



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 467 ] ومن كل تأكلون لحما طريا يعني لحم الحيتان مأكول من كلا البحرين .

                                                                                                                                                                                                                                        وتستخرجون حلية تلبسونها اللؤلؤ والمرجان يستخرج من الملح ، ويكون المراد أحدهما وإن عطف بالكلام عليهما .

                                                                                                                                                                                                                                        وقيل : بل هو مأخوذ منهما لأن في البحر عيونا عذبة ، وما بينهما يخرج اللؤلؤ عند التمازج وقيل من مطر السماء .

                                                                                                                                                                                                                                        ثم قال : تلبسونها وإن لبسها النساء دون الرجال لأن جمالها عائد عليهم جميعا .

                                                                                                                                                                                                                                        وترى الفلك فيه مواخر فيه خمسة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها : مقبلة ومدبرة وريح واحدة ، قاله يحيى بن سلام .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : مواقر ، قاله الحسن . قال الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        تراها إذا راحت ثقالا كأنها     مواخر فلك أو نعام حوافل



                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : معترضة ، قاله أبو وائل .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : جواري ، قاله ابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس : تمخر الماء أي تشقه في جريها شقا ، قاله علي بن عيسى .

                                                                                                                                                                                                                                        لتبتغوا من فضله قال مجاهد : التجارة في الفلك .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل وجها آخر ما يستخرج من حليته ويصاد من حيتان .

                                                                                                                                                                                                                                        ولعلكم تشكرون [فيه وجهان] :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : على ما آتاكم من نعمه .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : على ما آتاكم من فضله .

                                                                                                                                                                                                                                        ويحتمل ثالثا : على ما أنجاكم من هوله .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية