قوله عز وجل: هذا فليذوقوه حميم وغساق أي منه حميم ومنه غساق والحميم الحار ، وفي الغساق ستة أوجه:
أحدها: أنه البارد الزمهرير ، قاله ابن عباس فكأنهم عذبوا بحار التراب وبارده.
الثاني: أنه القيح الذي يسيل من جلودهم، قاله عطية.
الثالث: أنه دموعهم التي تسيل من أعينهم، قاله قتادة .
الرابع: أنها عين في جهنم تسيل إليها حمة كل ذي حمة من حية أو عقرب، قاله كعب الأحبار. [ ص: 107 ] الخامس: أنه المنتن ، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعا.
السادس: أنه السواد والظلمة وهو ضد ما يراد من صفاء الشراب ورقته ، قاله ابن بحر . وفي هذا الاسم وجهان:
أحدهما: حكاه النقاش أنه بلغة الترك.
الثاني: حكاه ابن بحر وابن عيسى أنه عربي مشتق واختلف في اشتقاقه على وجهين:
أحدهما: من الغسق وهو الظلمة ، قاله ابن بحر .
الثاني: من غسقت القرحة تغسق غسقا. إذا جرت ، وأنشد قطرب قول الشاعر
فالعين مطروقة لبينهم تغسق في غربة سرها
وإليه ذهب ابن عيسى .وفي " غساق " قراءتان بالتخفيف والتشديد وفيها وجهان:
أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد ، قاله الأخفش.
الثاني: معناهما مختلف والمراد بالتخفيف الاسم وبالتشديد الفعل وقيل إن في الكلام تقديما وتأخيرا ، وتقديره: هذا حميم وهذا غساق فليذوقوه. قوله عز وجل: وآخر من شكله أزواج فيه ثلاثة أوجه:
أحدهما: وآخر من شكل العذاب أنواع ، قاله السدي .
الثاني: وآخر من شكل عذاب الدنيا أنواع في الآخرة لم تر في الدنيا ، قاله الحسن .
الثالث: أنه الزمهرير ، قاله ابن مسعود . وفي الأزواج هنا ثلاثة أوجه:
أحدها: أنواع.
الثاني: ألوان.
الثالث: مجموعة. [ ص: 108 ] قوله عز وجل: هذا فوج مقتحم معكم فوج بعد فوج أي قوم بعد قوم ، مقتحمون النار أي يدخلونها. وفي الفوج قولان:
أحدهما: أنهم بنو إبليس.
والثاني: بنو آدم ، قاله الحسن .
والقول الثاني: أن كلا الفوجين بنو آدم إلا أن الأول الرؤساء والثاني الأتباع.
وحكى النقاش أن الفوج الأول قادة المشركين ومطعموهم يوم بدر ، والفوج الثاني أتباعهم ببدر.
وفي القائل هذا فوج مقتحم معكم قولان:
أحدهما: الملائكة قالوا لبني إبليس لما تقدموا في النار هذا فوج مقتحم معكم إشارة لبني آدم حين دخلوها. قال بنو إبليس لا مرحبا بهم إنهم صالو النار قالوا أي بنو آدم: بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار والقول الثاني: أن الله قال للفوج الأول حين أمر بدخول الفوج الثاني: هذا فوج مقتحم معكم فأجابوه لا مرحبا بهم إنهم صالو النار فأجابهم الفوج الثاني بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه أنتم شرعتموه لنا وجعلتم لنا إليه قدما ، قاله الكلبي .
الثاني: قدمتم لنا هذا العذاب بما أضللتمونا عن الهدى فبئس القرار أي بئس الدار النار ، قاله الضحاك .
الثالث: أنتم قدمتم لنا الكفر الذي استوجبنا به هذا العذاب في النار ، حكاه ابن زياد. قالوا ربنا من قدم لنا هذا الآية. يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه قاله الفوج الأول جوابا للفوج الثاني.
الثاني: قاله الفوج تبعا لكلامهم الأول تحقيقا لقولهم عند التكذيب. وفي تأويل من قدم لنا هذا وجهان:
أحدهما: من سنه وشرعه ، قاله الكلبي .
الثاني: من زينه ، قاله مقاتل.
والمرحب والرحب: السعة ومنه سميت الرحبة [ ص: 109 ] لسعتها ومعناه لا اتسعت لكم أماكنكم; وأنشد الأخفش قول أبي الأسود:
إذا جئت بوابا له قال مرحبا ألا مرحبا واديك غير مضيق


