قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى
قد أفلح من تزكى فيه أربعة تأويلات : أحدها : من تطهر من الشرك بالإيمان ، قاله ابن عباس .
الثاني : من كان صالح عمله زكيا ناميا ، قاله الحسن والربيع . لم يذكر الثالث راجع التعليق ص . 44 .
الرابع : أنه عنى زكاة الأموال كلها ، قاله أبو الأحوص . ويحتمل خامسا : أنه من ازداد خيرا وصلاحا . وذكر اسم ربه فصلى فيه ستة أوجه :
أحدها : أن يوحد الله ، قاله ابن عباس .
الثاني : أن يدعوه ويرغب إليه .
الثالث : أن يستغفروه ويتوب إليه .
الرابع : أن يذكره بقلبه عند صلاته فيخاف عقابه ويرجو ثوابه ، ليكون استيفاؤه لها وخشوعه فيها بحسب خوفه ورجائه .
الخامس : أن يذكر اسم ربه بلسانه عند إحرامه بصلاته ، لأنها لا تنعقد إلا بذكره .
السادس : أن يفتتح كل سورة ببسم الله الرحمن الرحيم . وفي قوله (فصلى) ثلاثة أقاويل : أحدها : الصلوات الخمس ، قاله ابن عباس .
الثاني : صلاة العيد ، قاله أبو سعيد الخدري .
الثالث : هو أن يتطوع بصلاة بعد زكاة ، قاله أبو الأحوص . وذكر الضحاك أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه . بل تؤثرون الحياة الدنيا فيه وجهان :
[ ص: 256 ]
أحدهما : أن المراد بها الكفار ، فيكون تأويلها : بل تؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة .
الثاني : أن المراد بها المسلمون ، فيكون تأويلها : يؤثرون الاستكثار من الدنيا للاستكثار من الثواب . والآخرة خير وأبقى فيه وجهان :
أحدهما : خير للمؤمن من الدنيا ، وأبقى للجزاء .
الثاني : ما قاله قتادة خير في الخير وأبقى في البقاء . ويحتمل به وجها ثالثا : يتحرر به الوجهان : والآخرة خير لأهل الطاعة وأبقى على أهل الجنة . إن هذا لفي الصحف الأولى فيه ثلاثة أقاويل : أحدها : يعني أن الآخرة خير وأبقى في الصحف الأولى ، قاله قتادة .
الثاني : أن ما قصه الله في هذه السورة هو من الصحف الأولى .
الثالث : هي كتب الله كلها ، وحكى وهب بن منبه في المبتدإ أن جميع الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه مائة صحيفة وخمس صحف وأربعة كتب ، منها خمسة وثلاثون صحيفة أنزلها على شيث بن آدم وخمسون صحيفة أنزلها على إدريس ، وعشرون صحيفة أنزلها على إبراهيم ، وأنزل التوراة على موسى ، والزبور على داود ، والإنجيل على عيسى ، والفرقان على محمد عليهم السلام .


