قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فيه قولان: أحدهما: أنه سنن من الله في الأمم السالفة أهلكهم بها. والثاني: يعني أنهم أهل سنن كانوا عليها في الخير والشر ، وهو قول الزجاج ، وأصل السنة الطريقة المتبعة في الخير والشر ، ومنه سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال لبيد بن ربيعة:
من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها
وقال سليمان بن فيد:
فإن الألى بالطف من آل هاشم تآسوا فسنوا للكرام التآسيا
هذا بيان للناس فيه قولان: أحدهما: أنه القرآن ، وهذا قول الحسن ، وقتادة . والثاني: أنه ما تقدم ذكره في قوله تعالى: قد خلت من قبلكم سنن الآية ، وهذا قول ابن إسحاق. وهدى وموعظة للمتقين نور وأدب. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله يعني أن يصيبكم قرح ، قرأ أبو بكر عن عاصم ، وحمزة ، والكسائي بضم القاف ، وقرأ الباقون بفتحها ، وفيها قولان: أحدهما: أنها لغتان ومعناهما واحد. والثاني: أن القرح بالفتح: الجراح ، وبالضم ألم الجراح ، وهو قول الأكثرين. وأما الفرق بين المس واللمس فهو أن اللمس مباشرة بإحساس ، والمس مباشرة بغير إحساس ، وهذا ما ذكره الله تعالى للمؤمنين تسلية لهم فإن أصابهم يوم أحد قرح فقد أصاب المشركين يوم بدر مثله. وتلك الأيام نداولها بين الناس قال الحسن ، وقتادة: أي تكون مرة لفرقة ، ومرة عليها والدولة: الكرة ، يقال: أدال الله فلانا من فلان بأن جعل الكرة له عليه. وليمحص الله الذين آمنوا فيه ثلاثة أقوال: أحدها: معناه ليبتلي ، وهذا قول ابن عباس . والثاني: يعني بالتمحيص تخليصه من الذنوب ، وهو قول أبي العباس والزجاج ، أصل التمحيص عندهما التخليص. والثالث: معناه وليمحص الله ذنوب الذين آمنوا ، وهو قول الفراء. ويمحق الكافرين قال ابن عباس : ينقصهم. [ ص: 427 ]
ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه قيل: تمنى الموت بالجهاد من لم يحضر بدرا ، فلما كان أحد أعرض كثير منهم فعاتبهم الله تعالى على ذلك ، هكذا قال الحسن وقتادة ومجاهد. فقد رأيتموه وأنتم تنظرون فيه قولان: أحدهما: يعني فقد علمتموه. والثاني: فقد رأيتم أسبابه.


